الأنوار قال صلّى اللّه عليه وسلم لو كشف الحجاب وفي رواية الغطاء ما ازددت يقينا، وذلك لأن اللّه تعالى شرح صدره فكان على نور من ربه بلغ به مقام الاطمئنان، ووقع لمن دونه في العرفان، رواية النور العيني عيانا ورأوا الملائكة، عدا أن جبريل كانت رؤيته في صورة دحية الكلبي ووقع لمن دون الآخرين ممن لهم سلامة فطرة أو معالجة النفس بالرياضة، أو طروء مرض يصرف قوى النفس عن الاهتمام بشهوات الجسد، أو من سلطان إرادة قوية على إرادة ضعيفة تصرفها عن حسها وتوجه قواها النفسية إلى ما شاءت أن تدركه لقوتها الخاصة بها، فقد يكون لبعض هؤلاء في بعض الأحوال من قوّة الروح ما يلمحون به بعض الأشياء أو الأشخاص البعيدة عنهم.
وتتمثل لهم بعض الأمور قبل وقوعها في عالم الشهادة، فترتسم بخيالهم فيخبرون بها فنقع كما أخبروا، وقد ثبت هذا وذاك عند بعض الماديين في هذا الزمن مما يسمونه قراءة الأفكار، أو مراسلتها، ومن هذا ما ذكرت جريدة المقطّم في ١ صفر سنة ١٣٥٤ (الموافق مايو سنة ١٩٣٥) عن العرافة (مدام ترفران ليلى) أنّها قالت للوزراء والملوك والرؤساء بأنه سيقتل رئيس جمهورية فرنسا.
ويعود كارول ملك رومانيا المنفي إلى بلاده، ويصير أحمد زوغو ملكا على ألبانيا، وبصير انقلاب في ألمانيا، ثم وقع ما قالت على علم من قبل الملأ.
هذا وإن الأمور التي تكون على غير السنن المعروفة، والعادات المألوفة الخارقة للعادة، نقلتها جميع الأمم في كل العصور نقلا متواترا جنسا لا نوعا.
فهذه ليست كلها خوارق حقيقية لأن منها ماله أسباب مجهولة، ومنها ما هو صناعي بتعليم خاص، ومنها ما هو من خصائص قوى النفس في توجهها لمطالبها.
وفي تأثير قوى الإرادة على ضعيفها، ويدخل فيها المكاشفة والتنويم المغناطيسي وشفاء بعض المرضى بالأمراض العصبية التي يؤثر فيها الإعتقاد والوهم وبعض أنواع العمى والفالج.