وقال له : اقبض قبضة من شيء لا تعلم عدده واسأله عنها ليظهر لك كذبه، فذهب اليه وفعل ما أمره به عمر وسأله فلم يعرف عدده ولا نوعه، فرجع إلى عمر وأخبره الخبر فقال له : إذا كنت تعرف شيئا هو راسخ في قلبك، فيمكن أن يعرفه أمثال هؤلاء، إذ يوشك أن ينقله وسواسك إلى وسواسه في قلبه فيخربه.
ومن هذا ما يسمونه بقراءة الافكار، ومن أراد أن يطلع على بعض حيل المشعوذين، فليراجع كتاب كشف أسرار المحتالين يجد فيه العجاب طهر اللّه قلوبنا من الزيغ ووفقنا لمعرفة عيوبنا.
قال تعالى :"وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ" العبد بخلق ما يسره ويبهره "وَأَبْكى ٤٣" عبده بخلق ما يسوءه ويحزنه، فأفرح
المؤمن في الجنة بثواب عمله الصالح في الدنيا، وأحزن الكافر في النار بعقاب عمله الطالح في الآخرة.
روى البخاري ومسلم عن النبي قال : خطب النبي صلّى اللّه عليه وسلم خطبة ما سمعت مثلها قط، فقال : لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا، فغطّى أصحاب رسول اللّه وجوههم لهم خنين بكاء مع صوت يخرج من الأنف - "وَأَنَّهُ هُوَ أَماتَ" خلقه في الدنيا بعد انتهاء آجالهم فيها "وَأَحْيا ٤٤" من أماته في الآخرة بعد انقضاء أجلهم في البرزخ.
وجاء بلفظ الماضي لتحقق وقوعه مثل أتى أمر اللّه بمعنى يأتي وأعقبه بالجملة قبله، لأن الموت يعقبه البكاء، والولادة أي الإحياء يعقبها الضحك، وقيل في هذا المعنى :
ولدتك أمك يا ابن آدم باكيا والناس حولك يضحكون سرورا
فاجهد لنفسك أن تكون إذا بكوا في يوم موتك ضاحكا مسرورا
أي عند ربك بما قدمت من عمل صالح، راجع الآية ١١ من سورة غافر في ج ٢.


الصفحة التالية
Icon