﴿هِىَ﴾ ضمير عائد إلى ماذا ؟ نقول الظاهر أنها عائدة إلى أمر معلوم وهو الأسماء كأنه قال ما هذه الأسماء التي وضعتموها أنتم وهو المشهور، ويحتمل أن يقال هي عائدة إلى الأصنام بأنفسها أي ما هذه الأصنام إلا أسماء، وعلى هذا فهو على سبيل المبالغة والتجوز، يقال لتحقير إنسان ما زيد إلا اسم وما الملك إلا اسم إذا لم يكن مشتملاً على صفة تعتبر في الكلام بين الناس، ويؤيد هذا القول قوله تعالى :﴿مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاء﴾ [ يوسف : ٤٠ ] أي ما هذه الأصنام إلا أسماء.
المسألة الثانية :
ما الفائدة في قوله ﴿سَمَّيْتُمُوهَا﴾ مع أن جميع الأسماء وضعوها أو بعضها هم وضعوها ولم ينكر عليهم ؟ نقول المسألة مختلف فيها ولا يتم الذم إلا بقوله تعالى :﴿مَّا أَنزَلَ الله بِهَا مِن سلطان﴾ وبيانه هو أن الأسماء إن أنزلها الله تعالى فلا كلام فيها، وإن وضعها للتفاهم فينبغي أن لا يكون في ضمن تلك الفائدة مفسدة أعظم منها لكن إيهام النقص في صفات الله تعالى أعظم منها، فالله تعالى ما جوّز وضع الأسماء للحقائق إلا حيث تسلم عن المحرم، فلم يوجد في هذه الأسماء دليل نقلي ولا وجه عقلي، لأن ارتكاب المفسدة العظيمة لأجل المنفعة القليلة لا يجوزه العاقل، فإذاً ﴿مَّا أَنزَلَ الله بِهَا مِن سلطان﴾ ووضع الاسم لا يكون إلا بدليل نقلي أو عقلي، وهو أنه يقع خالياً عن وجوه المضار الراجحة.
المسألة الثالثة :


الصفحة التالية
Icon