﴿أكدى﴾ قيل هو من بلغ الكدية وهي الأرض الصلبة لا تحفر، وحافر البئر إذا وصل إليها فامتنع عليه الحفر أو تعسر يقال : أكدى الحافر، والأظهر أنه الرد والمنع يقال : أكديته أي رددته وقوله تعالى :﴿أَعِندَهُ عِلْمُ الغيب فَهُوَ يرى﴾ قد علم تفسيره جملة أن المراد جهل المتولي وحاجته وبيان قبح التولي مع الحاجة إلى الإقبال وعلم الغيب، أي العلم بالغيب، أي علم ما هو غائب عن الخلق وقوله :﴿فَهُوَ يرى﴾ تتمة بيان وقت جواز التولي وهو حصول الرؤية وهو الوقت الذي لا ينفع الإيمان فيه، وهناك لا يبقى وجوب متابعة أحد فيما رآه، لأن الهادي يهدي إلى الطريق فإذا رأى المهتدي مقصده بعينه لا ينفيه السماع، فقال تعالى : هل علم الغيب بحيث رآه فلا يكون علمه علماً نظرياً بل علماً بصرياً فعصى فتولى وقوله تعالى :﴿فَهُوَ يرى﴾ يحتمل أن يكون مفعول ﴿يرى﴾ هو احتمال الواحد وزر الآخر كأنه قال فهو يرى أن وزره محمول ألم يسمع أن وزره غير محمول فهو عالم بالحمل وغافل عن عدم الحمل ليكون معذوراً، ويحتمل أن لا يكون له مفعول تقديره فهو يرى رأي نظر غير محتاج إلى هاد ونذير.
أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى (٣٦)
وقوله تعالى :﴿أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِى صُحُفِ موسى * وإبراهيم الذى وفى﴾ حال أخرى مضادة للأولى يعذر فيها المتولي وهو الجهل المطلق فإن من علم الشيء علماً تاماً لا يؤمر بتعلمه، والذي جهله جهلاً مطلقاً وهو الغافل على الإطلاق كالنائم أيضاً لا يؤمر فقال : هذا المتولي هل علم الكل فجاز له التولي أولم يسمع شيئاً وما بلغه دعوة أصلاً فيعذر، ولا واحد من الأمرين بكائن فهو في التولي غير معذور، وفيه مسائل :
المسألة الأولى :


الصفحة التالية
Icon