الأولى :﴿لَّيْسَ للإنسان﴾ فيه وجهان أحدهما : أنه عام وهو الحق وقيل عليه بأن في الأخبار أن ما يأتي به القريب من الصدقة والصوم يصل إلى الميت والدعاء أيضاً نافع فللإنسان شيء لم يسمع فيه، وأيضاً قال الله تعالى :﴿مَن جَاء بالحسنة فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا﴾ [ الأنعام : ١٦٠ ] وهي فوق ما سعى، الجواب عنه أن الإنسان إن لم يسع في أن يكون له صدقة القريب بالإيمان لا يكون له صدقته فليس له إلا ما سعى، وأما الزيادة فنقول : الله تعالى لما وعد المحسن بالأمثال والعشرة وبالأضعاف المضاعفة فإذا أتى بحسنة راجياً أن يؤتيه الله ما يتفضل به فقد سعى في الأمثال، فإن قيل : أنتم إذن حملتم السعي على المبادرة إلى الشيء، يقال : سعى في كذا إذا أسرع إليه، والسعي في قوله تعالى :﴿إِلاَّ مَا سعى﴾ معناه العمل يقال : سعى فلان أي عمل، ولو كان كما ذكرتم لقال : إلا ما سعى فيه نقول على الوجهين جميعاً : لا بد من زيادة فإن قوله تعالى :﴿لَّيْسَ للإنسان إِلاَّ مَا سعى﴾ ليس المراد منه أن له عين ما سعى، بل المراد على ما ذكرت ليس له إلا ثواب ما سعى، أو إلا أجر ما سعى، أو يقال : بأن المراد أن ما سعى محفوظ له مصون عن الإحباط فإذن له فعله يوم القيامة الوجه الثاني : أن المراد من الإنسان الكافر دون المؤمن وهو ضعيف، وقيل بأن قوله :﴿لَّيْسَ للإنسان إِلاَّ مَا سعى﴾ كان في شرع من تقدم، ثم إن الله تعالى نسخه في شرع محمد ﷺ وجعل للإنسان ما سعى وما لم يسع وهو باطل إذ لا حاجة إلى هذا التكلف بعدما بان الحق، وعلى ما ذكر فقوله :﴿مَا سعى﴾ مبقى على حقيقته معناه له عين ما سعى محفوظ عند الله تعالى ولا نقصان يدخله ثم يجزى به كما قال تعالى :
﴿فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ﴾ [ الزلزلة : ٧ ].
المسألة الثانية :