وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ أَفَرَأَيْتَ الذي تولى وأعطى قَلِيلاً وأكدى ﴾ الآيات
لما بيّن جهل المشركين في عبادة الأصنام ذكر واحداً منهم معيناً بسوء فعله.
قال مجاهد وابن زيد ومقاتل : نزلت في الوليد بن المغيرة، وكان قد اتبع رسول الله ﷺ على دينه فعيّره بعض المشركين، وقال : لِمَ تركتَ دين الأشياخ وضَلَّلتهم وزعمت أنهم في النار؟! قال : إني خشيت عذاب الله ؛ فضمن له إن هو أعطاه شيئاً من ماله ورجع إلى شركه أن يتحمل عنه عذاب الله، فأعطى الذي عاتبه بعض ما كان ضمن له ثم بخل ومنعه فأنزل الله تعالى هذه الآية.
وقال مقاتل : كال الوليد مدح القرآن ثم أمسك عنه فنزل :﴿ وأعطى قَلِيلاً ﴾ أي من الخير بلسانه "وَأَكْدَى" أي قطع ذلك وأمسك عنه.
وعنه أنه أعطى رسول الله ﷺ عقد الإيمان ثم تولى فنزلت :﴿ أَفَرَأَيْتَ الذي تولى ﴾ الآية.
وقال ابن عباس والسُّدي والكلبي والمسيّب بن شريك : نزلت في عثمان بن عفان رضي الله عنه كان يتصدّق وينفق في الخير، فقال له أخوه من الرضاعة عبد الله بن أبي سَرْح : ما هذا الذي تصنع؟ يوشك ألاّ يبقى لك شيء.
فقال عثمان : إن لي ذنوباً وخطايَا، وإني أطلب بما أصنع رضا الله تعالى وأرجو عفوها فقال له عبد الله : أعطني ناقتك برحلها وأنا أتحمل عنك ذنوبك كلها.
فأعطاه وأشهد عليه، وأمسك عن بعض ما كان يصنع من الصدقة فأنزل الله تعالى :﴿ أَفَرَأَيْتَ الذي تولى ﴾ ﴿ وأعطى قَلِيلاً وأكدى ﴾ فعاد عثمان إلى أحسن ذلك وأجمله.
ذكر ذلك الواحديّ والثعلبيّ.
وقال السّديّ أيضاً : نزلت في العاص بن وائل السَّهْميّ، وذلك أنه كان ربما يوافق النبيّ صلى الله عليه وسلم.
وقال محمد بن كعب القرظيّ : نزلت في أبي جهل بن هشام، قال : واللَّهِ ما يأمر محمدٌ إلا بمكارم الأخلاق ؛ فذلك قوله تعالى :﴿ وأعطى قَلِيلاً وأكدى ﴾.