وقال الضحاك : هو النَّضْر بن الحرث أعطى خمس قلائص لفقير من المهاجرين حين ارتد عن دينه، وضمن له أن يتحمل عنه مأثم رجوعه.
وأصل "أَكْدَى" من الكُدْية يقال لمن حَفَر بئراً ثم بلغ إلى حجر لا يتهيّأ له فيه حَفْر : قد أَكْدَى، ثم استعملته العرب لمن أعطى ولم يُتمِّم، ولمن طلب شيئاً ولم يبلغ آخره.
وقال الحُطَيْئة :
فأعطى قليلاً ثم أَكْدَى عطاءَه...
ومن يَبْذُلِ المعروفَ في الناسِ يُحَمِد
قال الكسائيّ وغيره : أَكْدَى الحافُر وأَجبْل إذا بلغ في حَفْره كُدْية أو جبلاً فلا يمكنه أن يَحفِر.
وحفر فأَكْدَى إذا بلغ إلى الصُّلْب.
ويقال : كدِيت أصابعه إذا كَلَّتْ من الحفر.
وكَدِيت يدهُ إذا كَلَّتْ فلم تعمل شيئاً.
وأَكْدَى النَّبتُ إذا قلّ رَيْعه، وكَدَتِ الأرض تَكْدُو كَدْواً ( وكُدُوًّا ) فهي كَادِيَةٌ إذا أبطأ نباتها ؛ عن أبي زيد.
وأَكْدَيْتُ الرجلَ عن الشيء رددته عنه.
وأَكْدَى الرجلُ إذا قلّ خيره.
وقوله :﴿ وأعطى قَلِيلاً وأكدى ﴾ أي قطع القليل.
قوله تعالى :﴿ أَعِندَهُ عِلْمُ الغيب فَهُوَ يرى ﴾ أي أعند هذا المكدِي علمُ ما غاب عنه من أمر العذاب؟.
﴿ فَهُوَ يرى ﴾ أي يعلم ما غاب عنه من أمر الآخرة، وما يكون من أمره حتى يضمن حمل العذاب عن غيره، وكفى بهذا جهلاً وحمقاً.
وهذه الرؤية هي المتعدية إلى مفعولين والمفعولان محذوفان ؛ كأنه قال : فهو يرى الغيبَ مثلَ الشهادة.
قوله تعالى :﴿ أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ موسى وَإِبْرَاهِيمَ ﴾
أي صحف ﴿ وَإِبْرَاهِيمَ الذي وفى ﴾ كما في سورة "الأعلى" ﴿ صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وموسى ﴾ [ الأعلى : ١٩ ] أي لا تؤخذ نفس بدلاً عن أخرى ؛ كما قال :﴿ أَن لاَتَزِرُ وازرة وِزْرَ أخرى ﴾ وخصّ صحف إبراهيم وموسى بالذكر ؛ لأنه كان ما بين نوح وإبراهيم يؤخذ الرجل بجريرة أخيه وابنه وأبيه ؛ قاله الهذيل ابن شرحبيل.