قلت : وكثير من الأحاديث يدل على هذا القول، وأن المؤمن يصل إليه ثواب العمل الصالح من غيره، وقد تقدّم كثير منها لمن تأملها، وليس في الصدقة اختلاف، كما في صدر كتاب مسلم عن عبد الله بن المبارك.
وفي الصحيح :" إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث " وفيه " أو ولد صالح يدعو له " وهذا كله تفضل من الله عز وجل، كما أن زيادة الأضعاف فضل منه ؛ كتب لهم بالحسنة الواحدة عشراً إلى سبعمائة ضعف إلى ألف ألف حسنة ؛ كما قيل لأبي هريرة : أسمعت رسول الله ﷺ يقول :" إن الله ليجزي على الحسنة الواحدة ألف ألف حسنة " فقال سمعته يقول :" إن الله ليجزي على الحسنة الواحدة ألفي ألف حسنة " فهذا تفضل.
وطريق العدل ﴿ وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سعى ﴾.
قلت : ويحتمل أن يكون قوله :﴿ وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سعى ﴾ خاص في السيئة ؛ بدليل ما في صحيح مسلم عن أبي هريرة عن رسول الله ﷺ قال :" قال الله عز وجل إذا همّ عبدي بحسنة ولم يعملها كتبتها له حسنة فإن عملها كتبتها له عشر حسنات إلى سبعمائة ضِعف وإذا همّ بسيئة ولم يعملها لم أكتبها عليه فإن عملها كتبتها سيئةً واحدة " وقال أبو بكر الورّاق :﴿ إِلاَّ مَا سعى ﴾ إلا ما نوى ؛ بيانه قوله ﷺ :
" يُبعث الناس يوم القيامة على نياتهم "
قوله تعالى :﴿ وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يرى ﴾ أي يُريه الله تعالى جزاءه يوم القيامة ﴿ ثُمَّ يُجْزَاهُ ﴾ أي يجزى به ﴿ الجزآء الأوفى ﴾.
قال الأخفش : يقال جزيته الجزاء، وجزيته بالجزاء سواء لا فرق بينهما ؛ قال الشاعر :
إِنْ أَجْزِ عَلْقَمَة بنَ سْعدٍ سَعْيَه...
لم أَجْزِهِ ببَلاءِ يَوْمٍ واحِدِ
فجمع بين اللغتين. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ١٧ صـ ﴾