فصل


قال الفخر :
﴿ وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ ﴾
وقد علم وجه تعلقها بما قبلها في الوجوه المتقدمة في قوله تعالى :﴿فَلِلَّهِ الأخرة﴾ [ النجم : ٢٥ ] إن قلنا إن معناه أن اللات والعزى وغيرهما ليس لهم من الأمر شيء ﴿فَلِلَّهِ الآخرة والأولى﴾ فلا يجوز إشراكهم فيقولون نحن لا نشرك بالله شيئاً، وإنما نقول هؤلاء شفعاؤنا فقال كيف تشفع هذه ومن في السموات لا يملك الشفاعة، وفيه مسائل :
المسألة الأولى :
﴿كَمْ﴾ كلمة تستعمل في المقادير، إما لاستبانتها فتكون استفهامية كقولك كم ذراعاً طوله وكم رجلاً جاءك أي كم عدد الجائين تستبين المقدار وهي مثل كيف لاستبانة الأحوال وأي الاستبانة الأفراد، وما لاستبانة الحقائق، وإما لبيانها على الإجمال فتكون خبرية كقولك كم رجل أكرمني أي كثير منهم أكرموني غير أن عليه أسئلة الأول : لم لم يجز إدخال من على الاستفهامية وجاز على الخبرية الثاني : لم نصب مميز الاستفهامية وجر الذي للخبرية الثالث : هي تستعمل في الخبرية في مقابلة رب فلم جعل اسماً مع أن رب حرف، أما الجواب عن الأول فهو أن من يستعمل في الموضع المتعين بالإضافة تقول خاتم من فضة كما تقول خاتم فضة، ولما لم تضف في الاستفهامية لم يجز استعمال ما يضاهيه وسنبين هذا الجواب، والجواب عن السؤال الثاني هو أن نقول إن الأصل في المميز الإضافة، وعن الثالث هو أن كم يدخل عليه حرف الجر فتقول إلى كم تصبر، وفي كم يوم جئت، وبكم رجل مررت ومن حيث المعنى إن كم إذا قرن بها من وجعل مميزه جمعاً كما في قول القائل كم من رجال خدمتهم ويكون معناه كثير من الرجال خدمتهم ورب وإن كانت للتقليل لكن لا تقوم مقام القليل، فلا يمكن أن يقال في رب إنها عبارة عن قليل كما قلنا في كم إنه عبارة عن كثير.
المسألة الثانية :


الصفحة التالية
Icon