قال شفاعتهم على عود الضمير إلى المعنى، ولو قال شفاعته لكان العود إلى اللفظ فيجوز أن يقال كم من رجل رأيته، وكم من رجل رأيتهم، فإن قلت هل بينهما فرق معنوي ؟ قلت نعم، وهو أنه تعالى لما قال :﴿لاَ تُغْنِى شفاعتهم﴾ [ النجم : ٢٦ ] يعني شفاعة الكل، ولو قال شفاعته لكان معناه كثير من الملائكة كل واحد لا تغني شفاعته فربما كان يخطر ببال أحد أن شفاعتهم تغني إذا جمعت، وعلى هذا ففي الكلام أمور كلها تشير إلى عظم الأمر أحدها : كم فإنه للتكثير ثانيها : لفظ الملك فإنه أشرف أجناس المخلوقات ثالثها : في السموات فإنها إشارة إلى علو منزلتهم ودنو مرتبتهم من مقر السعادة رابعها : اجتماعهم على الأمر في قوله ﴿شفاعتهم﴾ وكل ذلك لبيان فساد قولهم إن الأصنام يشفعون أي كيف تشفع مع حقارتها وضعفها ودناءة منزلتها فإن الجماد أخس الأجناس والملائكة أشرفها وهم في أعلى السموات ولا تقبل شفاعة الملائكة فكيف تقبل شفاعة الجمادات.
المسألة الثالثة :


الصفحة التالية
Icon