والثاني : أنهم خوطبوا على لغتهم ؛ والمعنى : كان على ما تقدِّرونه أنتم قَدْرَ قوسين أو أقلَّ، هذا اختيار الزجّاج.
قوله تعالى :﴿ فأَوْحى إلى عَبْده ما أَوْحى ﴾ فيه ثلاثة أقوال.
أحدها : أَوْحى اللهُ إلى محمد كِفاحاً بلا واسطة، وهذا على قول من يقول : إنه كان في ليلة المعراج.
والثاني : أَوحى جبريلُ إلى النبي ﷺ ما أَوحى اللهُ إليه، رواه عطاء عن ابن عباس.
والثالث : أَوحى [ اللهُ ] إلى جبريل ما يوحيه، روي عن عائشة رضي الله عنها، والحسن، وقتادة.
قوله تعالى :﴿ ما كَذَبَ الفؤادُ ما رأى ﴾ قرأ أبو جعفر، وهشام عن ابن عامر، وأبان عن عاصم :"ما كَذَّب" بتشديد الذّال ؛ وقرأ الباقون بالتخفيف.
فمن شدَّد أراد : ما أَنكر فؤادُه ما رأته عينُه ؛ ومن خفَّف أراد : ما أوهمه فؤادُه أنه رأى، ولم ير، بل صَدَّقَ الفؤاد رؤيته.
وفي الذي رأى قولان.
أحدهما : أنه رأى ربَّه عز وجل، قاله ابن عباس، [ وأنس ]، والحسن، وعكرمة.
والثاني : أنه رأى جبريلَ في صورته التي خُلق عليها، قاله ابن مسعود وعائشة.
قوله تعالى :﴿ أفَتُمارُونه ﴾ وقرأ حمزة، والكسائي، والمفضل، وخلف، ويعقوب :"أفَتمْروُنه".
قال ابن قتيبة : معنى "أفَتُماروُنه" : أفتُجادِلونه، مِن المِراء، ومعنى "أفتَمْرُونه" : أفَتَجْحدونه.
قوله تعالى :﴿ ولقد رآه نَزْلَةً أُخْرَى ﴾ قال الزجّاج : أي : رآه مَرَّةً أُخرى.
قال ابن عباس : رأى محمدٌ ربَّه ؛ وبيان هذا أنه تردَّد لأجل الصلوات مراراً، فرأى ربَّه في بعض تلك المرّات مَرَّةً أُخرى.
قال كعب : إن الله تعالى قسم كلامه ورؤيته بين محمد وموسى، فرآه محمد مرتين، وكلَّمه موسى مرتين.
وقد روي عن ابن مسعود أن هذه الرؤية لجبريل أيضاً، رآه على صورته التي خُلق عليها.


الصفحة التالية
Icon