فأمّا سِدْرة المُنتهى، فالسِّدْرة : شجرة النَّبِق، وقد صح في الحديث عن رسول الله ﷺ أنه قال :" نَبِقُها مِثْلُ قِلال هَجَر، ووَرَقُها مِثلُ آذان الفِيَلة "
وفي مكانها قولان.
أحدهما : أنها فوق السماء السابعة، وهذا مذكور في "الصحيحين" من حديث مالك بن صعصعة.
قال مقاتل : وهي عن يمين العرش.
والثاني : أنها في السماء السادسة، أخرجه مسلم في أفراده عن ابن مسعود وبه قال الضحاك.
قال المفسرون : وإنما سُمِّيتْ سِدْرة المُنتهى، لأنه إليها مُنتهى ما يُصْعَد به من الأرض، فيُقْبَض منها، وإليها ينتهي ما يُهبْطَ به من فوقها فيُقْبَض منها، وإليها ينتهي عِلْم جميع الملائكة.
قوله تعالى :﴿ عِنْدَها ﴾ وقرأ معاذ القارىء، وابن يعمر، وأبو نهيك :"عِنْدَهُ" بهاءٍ مرفوعة على ضمير مذكَّر ﴿ جَنَّةُ المأوى ﴾ قال ابن عباس : هي جنة يأوي إليها جبريل والملائكة.
وقال الحسن : هي التي يصير إليها أهل الجنة.
وقال مقاتل : هي جَنَّة إليها تأوي أرواح الشهداء.
وقرأ سعيد بن المسيّب، والشعبي، وأبو المتوكل، وأبو الجوزاء، وأبو العالية :"جَنَّهُ المأوى" بهاءٍ صحيحة مرفوعة.
قال ثعلب : يريدون أَجنَّهُ، وهي شاذَّة.
وقيل : معنى "عندها" : أدركه المبيت يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قوله تعالى :﴿ إذ يَغْشى السِّدْرَةَ ما يغْشى ﴾ روى مسلم في أفراده من حديث ابن مسعود قال : غَشِيَها فَراشٌ مِنْ ذهب.
وفي حديث مالك بن صعصعة عن رسول الله ﷺ قال :" لمّا غَشِيَها مِنْ أمْر الله ما غَشِيَها، تغيَّرتْ، فما أحدٌ مِنْ خَلْقِ اللهِ يستطيع أن يَصِفها مِنْ حُسْنها " وقال الحسن، ومقاتل : تَغْشاها الملائكةُ أمثالَ الغِرْبان حين يَقَعْنَ على الشجرة.
وقال الضحاك :[ غَشِيها ] نور ربِّ العالمين.


الصفحة التالية
Icon