أي : ذا مقدارِ مسافةِ إصبع. والقابُ : القَدْرُ. تقول : هذا قابُ هذا أي : قَدْرُه. ومثلُه : القِيبُ والقادُ والقِيس قال الزمخشري :" وقد جاء التقديرُ بالقوس والرُّمْح والسَّوْط والذِّراع والباعِ والخُطْوة والشُّبر والفِتْر والإِصبع، ومنه : لا صَلاةَ إلى أن ترتفعَ الشمسُ مِقدار رُمْحين. وفي الحديث :" لَقابُ قوس أحدِكم من الجنة وموضعُ قِدِّه خيرٌ من الدنيا وما فيها "، والقِدُّ السَّوْط. وألفُ " قاب " عن واوٍ. نصَّ عليه أبو البقاء. وأمَّا " قِيْبٌ " فلا دَلالة فيه على كونِها ياءً ؛ لأنَّ الواوَ إذا انكسر ما قبلها قُلِبت ياءً كدِيْمة وقِيمة، وذكره الراغب أيضاً في مادة " قوب " إلاَّ أنه قال في تفسيره :" هو ما بين المَقْبَضَ والسِّيَةِ من القوس " فعلى هذا يكون مقدارَ نصفِ القوس ؛ لأن المَقْبَضَ في نصفِه. والسِّيَةُ هي الفُرْضَة التي يُخَطُّ فيها الوَتَرُ. وفيما قاله نظرٌ لا يخفى. ويُرْوى عن مجاهد : أنه من الوَتَر إلى مَقْبَضِ القوس في وسَطه. وقيل : إنَّ القوسَ ذراعٌ يُقاس به، نُقل ذلك عن ابن عباس وأنه لغةٌ للحجازيين.
والقَوْسُ معروفةٌ، وهي مؤنثةٌ، وشَذُّوا في تصغيرِها فقالوا : قُوَيْس من غيرِ تأنيثٍ كعُرَيْبٍ وحُرَيْبٍ، ويُجْمع على قِسِيّ، وهو مَقْلوب مِنْ قُوُوْس، ولتصريفِه موضعٌ آخر. /
قوله :﴿ أَوْ أدنى ﴾ هي كقوله :﴿ أَوْ يَزِيدُونَ ﴾ [ الصافات : ١٤٧ ] لأنَّ المعنى : فكان بأحدِ هذين المقدارَيْنِ في رَأْيِ الرائي، أي : لتقارُبِ ما بينهما يَشُكُّ الرائي في ذلك. وأَدْنى أفعلُ تفضيلٍ، والمفضَّلُ عليه محذوفٌ أي : أو أدنى مِن قاب قوسين.
فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (١٠)


الصفحة التالية
Icon