ولما كان المعجب قد يمسك نفسه عن الضحك، بين أنهم ليسوا كذلك فقال :﴿وتضحكون﴾ أي استهزاء تجددون ذلك في كل وقت مبتدأ ضحككم منه وهو بعيد من ذلك، ولما كان إنما يورث الحزن بكونه نزل بالحزن قال :﴿ولا تبكون﴾ أي كما هو حق من يسمعه.
ولما كان البكاء قد يكون على التقصير في العمل، بين أن الأمر أخطر من ذلك فقال :﴿وأنتم﴾ أي والحال أنكم في حال بكائكم ﴿سامدون﴾ أي دائبون في العمل جاهدون في العمل، فإن الأمر جد، فالدأب في العمل والجد فيه حينئذ علة للبكاء، فكأنه قيل : ولا تدأبون في العمل فتبكون، وإنما قلت ذلك لأن " سمد " معناه دأب في العمل ورفع رأسه تكبراً وعلاً، وسمد الإبل : جد في السير، وسار سيراً شديداً، واسمادّ : ورم، وسمد : قام متحيراً وحزن وسر وغفل ولهاً وقام وحصل ونام واهتم وتكبر وتحير وبطر وأشر، وسمد الأرض : سهلها، وأيضاً جعل فيها السماد، أي السرقين، والشعر : استأصله، وهو لك سمداً أي سرمداً، والسميد : الحواري، ذكر ذلك مبسوطاً القزاز في جامعه وصاحب القاموس.