وذكر الثعلبي عن قوم أنها نزلت في عثمان بن عفان في قصة جرت له مع عبد الله بن سعد بن أبي سرح وذلك كله عندي باطل، وعثمان رضي الله عنه منزه عن مثله، وقال السدي : نزلت في العاصي بن وائل، فقوله :﴿ وأعطى قليلاً وأكدى ﴾، وعلى هذا القول في المال، وقال مقاتل بن حيان في كتاب الثعلبي المعنى : وأعطى من نفسه قليلاً من قربه من الإيمان ثم ﴿ أكدى ﴾ أي انقطع ما أعطى، وهذا بين من اللفظ، والآخر يحتاج إلى رواية. و: ﴿ تولى ﴾ معناه : أدبر وأعرض ومعناه عن أمر الله. ﴿ وأكدى ﴾ معناه : انقطع عطاؤه وهو مشبه بالحافر في الأرض، فإذا انتهى إلى كدية، وهي ما صلب من الأرض وقف وانقطع حفره، وكذلك أجبل الحافر إذ انتهى إلى جبل، ثم قيل لمن انقطع عمله : أكدى وأجبل.
وقوله تعالى :﴿ أعنده علم الغيب فهو يرى ﴾ معناه : أعلم من الغيب أن من تحمل ذنوب آخر فإن المتحمل عنه ينتفع بذلك، فهو لهذا الذي علمه يرى الحق وهو له فيه بصيرة أم هو جاهل لم ينبأ أي يعلم ما في صحف موسى وهي التوراة وفي صحف إبراهيم وهي كتب نزلت عليه من السماء من أنه لا تزر وازرة وزر أخرى، أي لا تحمل حاملة حمل أخرى، وإنما يؤخذ كل واحد بذنوب نفسه، أي فلما كان جاهلاً بهذا وقع في عطاء ماله للذي قال له : إني أتحمل عنك درك الآخرة.


الصفحة التالية
Icon