واختلف المفسرون في معنى قوله :﴿ وفى ﴾ ما هو الموفى؟ فقال ابن عباس : كانوا قبل إبراهيم يأخذون الولي بالولي في القتل ونحوه فوفى إبراهيم وبلغ هذا الحكم من أنه ﴿ لا تزر وازرة وزر أخرى ﴾، وقال ابن عباس ايضاً والربيع : وفى طاعة الله في أمر ذبح ابنه. وقال الحسن وابن جبير وقتادة وغيره، وفي تبليغ رسالته والظاهر في ذات ربه، وقال عكرمة، وفي هذه العشر الآيات، ﴿ ألا تزر ﴾ وما بعدها، وقال ابن عباس وقتادة وغيره ﴿ وفى ﴾ ما افترض عليه من الطاعات على وجهها وتكلمت له شعب الإيمان والإسلام فأعطاه الله براءته من النار. قال ابن عباس : وفي شرائع الإسلام ثلاثين سهماً. وقال أبو أمامة ورفعه إلى النبي عليه السلام ﴿ وفى ﴾ أربع صلوات في كل يوم، والأقوى من هذه الأقوال كلها القول العام لجميع الطاعات المستوفية لدين الإسلام، فروي أنها لم تفرض على أحد مكملة فوفاها الأعلى وإبراهيم ومحمد عليهما السلام ومن الحجة لذلك قوله تعالى :﴿ وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن ﴾ [ البقرة : ١٢٤ ].
وقرأ ابن جبير وأبو مالك وابن السميفع :" وفى " مخففة الفاء، والخلاف فيما وفى به كالخلاف فيما وفاه على القراءة الأولى التي فسرنا، ورويت القراءة عن النبي عليه السلام، وقرأها أبو أمامة.
والوزر : الثقل، وأنث الوزارة إما لأنه أراد النفس وإما أراد المبالغة كعلامة ونسابة وما جرى مجراها و" أن " في قوله :﴿ ألا تزر ﴾ مخففة من الثقيلة، وتقديرها أنه لا تزر، وحسن الحائل بينها وبين الفعل ان بقي الفعل مرتفعاً، فهي كقوله :﴿ أن سيكون منكم مرضى ﴾ [ المزمل : ٢٠ ] ونحوه، و" أن " في موضع رفع أو خفض، كلاهما مرتب.
وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (٣٩)


الصفحة التالية
Icon