فأخذ أبو بكر بيده فقال حسبك يا رسول اللّه فقد ألححت على ربك، فخرج وهو في الدرع وهو يقول : سيهزم الجمع ويولون الدبر.
وقد مر في الآية ١٤ من سورة الأعلى المارة أن هذه الآية مما تأخر حكمها عن نزولها وهو الصحيح واللّه أعلم لأنها إحدى الآيات السبع المبينين هناك أربع منها وهذه الخامسة والسادسة الآية ٥٦ من سورة النور ج ٣ وهي (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ) والسابعة قوله (لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللَّهُ) الآية ٢١ من سورة الفتح في ج ٣ أيضا وللبحث صلة في تفسير هاتين الآيتين الأخيرتين بمحلهما إن شاء اللّه.
أما الأربع الأول فقد تقدم في سورة الأعلى بيانها وسببها قال تعالى "إِنَّ الْمُجْرِمِينَ" من الأولين والآخرين "فِي ضَلالٍ" في هذه الدنيا "وَسُعُرٍ ٤٧" في الآخرة "يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ" وتقول لهم زبانية العذاب "ذُوقُوا" أيها المجرمون "مَسَّ سَقَرَ ٤٨" ألمها عند ما تمس جلودكم كما يقال الآن ذق طعم الضرب ومس الحمّى قال تعالى ردا لما يقال من قبل أهل الضلال "إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ ٤٩" معلوم وتقدير سابق مثبت في اللوح المحفوظ وسنظهره عند إرادتنا له قال ابن عباس كل شيء بقدر حتى وضع يدك على خذك، روى مسلم عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص قال : قال سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم يقول كتب اللّه مقادير الخلائق كلها قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، قال وكان عرشه على الماء، أي قبل خلقهما.
راجع الآية ٦ من سورة هود في ج ٢.
مطلب في القدر وما يتعلق به :
والمراد من هذا تحديد وقت الكتابة في اللوح لا أصل القدر لأنه أزلي لا أول له، وروي أيضا عن أبي هريرة قال : جاء مشركو قريش إلى النبي صلّى اللّه عليه وسلم يخاصمونه في القدر فنزلت هذه الآية.


الصفحة التالية
Icon