فصل
قال الفخر :
﴿ كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ (١٨) ﴾
وفيه مسائل :
الأولى : قال في قوم نوح :﴿كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ﴾ [ الشعراء : ١٠٥ ] ولم يقل في عاد كذبت قوم هود وذلك لأن التعريف كلما أمكن أن يؤتى به على وجه أبلغ فالأولى أن يؤتى به والتعريف بالاسم العلم أولى من التعريف بالإضافة إليه، فإنك إذا قلت : بيت الله لا يفيد ما يفيد قولك الكعبة، فكذلك إذا قلت : رسول الله لا يفيد ما يفيد قولك محمد فعاد اسم علم للقوم لا يقال قوم هود أعرف لوجهين أحدهما : أن الله تعالى وصف عاداً بقوم هود حيث قال :﴿أَلاَ بُعْدًا لّعَادٍ قَوْمِ هُودٍ﴾ [ هود : ٦٠ ] ولا يوصف الأظهر بالأخفى والأخص بالأعم ثانيهما : أن قوم هود واحد وعاد، قيل : إنه لفظ يقع على أقوام ولهذا قال تعالى :﴿عَاداً الأولى﴾ [ النجم : ٥٠ ] لأنا نقول : أما قوله تعالى :﴿لّعَادٍ قَوْمِ هُودٍ﴾ [ هود : ٦٠ ] فليس ذلك صفة وإنما هو بدل ويجوز في البدل أن يكون دون المبدل في المعرفة، ويجوز أن يبدل عن المعرفة بالنكرة، وأما عاداً الأولى فقد قدمنا أن ذلك لبيان تقدمهم أي عاداً الذين تقدموا وليس ذلك للتمييز والتعريف كما تقول محمد النبي شفيعي والله الكريم ربي ورب الكعبة المشرفة لبيان الشرف لا لبيانها وتعريفها كما تقول : دخلت الدار المعمورة من الدارين وخدمت الرجل الزاهد من الرجلين فتبين المقصود بالوصف.
المسألة الثانية :