وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ كَذَّبَتْ ثَمُودُ بالنذر ﴾
هم قوم صالح كذبوا الرسل ونبيهم، أو كذّبوا بالآيات التي هي النذر ﴿ فقالوا أَبَشَراً مِّنَّا وَاحِداً نَّتَّبِعُهُ ﴾ وندع جماعة.
وقرأ أبو الأشهب وابن السَّمَيْقَع وأبو السَّمَّال العدويّ "أَبَشَرٌ" بالرفع "وَاحِدٌ" كذلك رفع بالابتداء والخبر "نَتَّبِعُهُ".
الباقون بالنصب على معنى أنتبع بشراً منا واحداً نتبعه.
وقرأ أبو السَّمَّال :"أَبَشَرٌ" بالرفع "مِنَّا واحِداً" بالنصب، رفع "أَبَشَرٌ" بإضمار فعل يدل عليه ﴿ أَأُلْقِيَ ﴾ كأنه قال : أينبّأ بشر منّا، وقوله :"وَاحِداً" يجوز أن يكون حالاً من المضمر في "مِنَّا" والناصب له الظرف، والتقدير أينبأ بشر كائن منّا منفرداً ؛ ويجوز أن يكون حالاً من الضمير في ﴿ نَّتَّبِعُهُ ﴾ منفرداً لا ناصر له.
﴿ إِنَّآ إِذاً لَّفِي ضَلاَلٍ ﴾ أي ذهاب عن الصواب ﴿ وَسُعُرٍ ﴾ أي جنون، من قولهم : ناقة مسعورة، أي كأنها من شدة نشاطها مجنونة، ذكره ابن عباس.
قال الشاعر يصف ناقته :
تَخالُ بها سُعْراً إذا السَّفْرُ هَزَّهَا...
ذَمِيلٌ وإيقاعٌ من السَّيْرِ مُتْعِبُ
الذميل ضرب من سير الإبل.
قال أبو عبيد : إذا ارتفع السير عن العَنَق قليلاً فهو التّزيُّد، فإذا ارتفع عن ذلك فهو الذميل، ثم الرَّسيم ؛ يقال : ذمَل يَذْمُل ويَذمِل ذميلاً.
قال الأصمعي : ولا يَذمُل بعير يوماً وليلةً إلا مَهْرِيٌّ قاله.
وقال ابن عباس أيضاً : السُّعر العذاب، وقاله الفراء.
مجاهد : بعد الحق.
السديّ : في احتراق.
قال :
أصحوتَ اليومَ أَمْ شَاقَتْكَ هِرّ...
ومِنَ الْحُبِّ جُنُونٌ مُسْتَعِرْ
أي متقد ومحترق.
أبو عبيدة : هو جمع سعير وهو لهيب النار.
والبعير المجنون يذهب كذا وكذا لما يتلهب به من الحدّة.
ومعنى الآية : إنَّا إذاً لفي شقاء وعناء مما يلزمنا.


الصفحة التالية
Icon