﴿مُّسْتَقِرٌّ﴾ يحتمل وجوهاً أحدها : عذاب لا مدفع له، أي يستقر عليهم ويثبت، ولا يقدر أحد على إزالته ورفعه أو إحالته ودفعه ثانيها : دائم، فإنهم لما أهلكوا نقلوا إلى الجحيم، فكأن ما أتاهم عذاب لا يندفع بموتهم، فإن الموت يخلص من الألم الذي يجده المضروب من الضرب والمحبوس من الحبس، وموتهم ما خلصهم ثالثها : عذاب مستقر عليهم لا يتعدى غيرهم، أي هو أمر قد قدره الله عليهم وقرره فاستقر، وليس كما يقال : إنه أمر أصابهم اتفاقاً كالبرد الذي يضر زرع قوم دون قوم، ويظن به أنه أمر اتفاقي، وليس لو خرجوا من أماكنهم لنجوا كما نجا آل لوط، بل كان ذلك يتبعهم، لأنه كان أمراً قد استقر.
المسألة الثالثة :
الضمير في ﴿صَبَّحَهُم﴾ عائد إلى الذين عاد إليهم الضمير في أعينهم فيعود لفظاً إليهم للقرب، ومعنى إلى الذين تماروا بالنذر، أو الذين عاد إليهم الضمير في قوله :﴿وَلَقَدْ أَنذَرَهُمْ بَطْشَتَنَا﴾ [ القمر : ٣٦ ].
فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ (٣٩)
مرة أخرى، لأن العذاب كان مرتين أحدهما : خاص بالمراودين، والآخر عام.
وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (٤٠)
قد فسرناه مراراً وبينا ما لأجله تكراراً. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٢٩ صـ ٥١ ـ ٥٧﴾