وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بالنذر ﴾
أخبر عن قوم لوط أيضاً لما كذّبوا لوطاً.
﴿ إِنَّآ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِباً ﴾ أي ريحاً ترميهم بالحصباء وهي الحصى ؛ قال النّضر : الحاصب الحصباء في الريح.
وقال أبو عبيدة : الحاصب الحجارة.
وفي الصحاح : والحاصب الريح الشديدة التي تثير الحصباء وكذلك الحَصِبة ؛ قال لَبِيد :
جَرَّتْ عليها أَنْ خَوَتْ مِن أهلَها...
أذيالَها كُلُّ عَصُوفٍ حَصِبَهْ
عصفت الريح أي اشتدت فهي ريح عاصفٌ وعَصُوف.
وقال الفَرَزْدق :
مستقبلين شمالَ الشامِ تَضرِبُنَا...
بحاصبٍ كنَديفِ القُطْنِ منثورِ
﴿ إِلاَّ آلَ لُوطٍ ﴾ يعني من تبعه على دينه ولم يكن إلا بنتاه ﴿ نَّجَّيْنَاهُم بِسَحَرٍ ﴾ قال الأخفش : إنما أجراه لأنه نكرة، ولو أراد سَحَر يوم بعينه لما أجراه، ونظيره :﴿ اهبطوا مِصْراً ﴾ [ البقرة : ٦١ ] لما نكّره، فلما عرّفه في قوله :﴿ ادخلوا مِصْرَ إِن شَآءَ الله ﴾ [ يوسف : ٩٩ ] لم يُجْرِه، وكذا قال الزجاج :"سحر" إذا كان نكرة يراد به سحَر من الأسحار يصرف، تقول أتيته سحراً، فإذا أردت سحر يومك لم تصرفه، تقول : أتيته سَحَر يا هذا، وأتيته بسحر.
والسَّحَرُ : هو ما بين آخر الليل وطلوع الفجر، وهو في كلام العرب اختلاط سواد الليل ببياض أوّل النهار ؛ لأن في هذا الوقت يكون مخاييل الليل ومخاييل النهار.
﴿ نِّعْمَةً مِّنْ عِندِنَا ﴾ إنعاماً منّا على لوط وابنتيه ؛ فهو نَصْب لأنه مفعول به.
﴿ كَذَلِكَ نَجْزِي مَن شَكَرَ ﴾ أي من آمن بالله وأطاعه.
﴿ وَلَقَدْ أَنذَرَهُمْ ﴾ يعني لوطاً خوّفهم ﴿ بَطْشَتَنَا ﴾ عقوبتنا وأَخْذنا إياهم بالعذاب ﴿ فَتَمَارَوْاْ بالنذر ﴾ أي شَكُّوا فيما أنذرهم به الرسول ولم يصدّقوه، وهو تفاعل من المِرْية.