﴿ وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَن ضَيْفِهِ ﴾ أي أرادوا منه تمكينهم ممن كان أتاه من الملائكة في هيئة الأضياف طلباً للفاحشة على ما تقدّم.
يقال : راوَدْته على كذا مُرَاوَدةً ورِوَاداً أي أردتُه.
وراد الكلأَ يروده رَوْداً ورِياداً، وارتاده ارتيادا بمعنًى أي طلبه ؛ وفي الحديث :" إذا بال أحدكم فلْيَرْتَدْ لِبوله " أي يطلب مكاناً ليناً أو منحدراً.
﴿ فَطَمَسْنَآ أَعْيُنَهُمْ ﴾ يروى أن جبريل عليه السلام ضربهم بجناحه فَعُموا.
وقيل : صارت أعينهم كسائر الوجه لا يرى لها شقّ، كما تطمس الريح الأعلام بما تسفي عليها من التراب.
وقيل : لا، بل أعماهم الله مع صحة أبصارهم فلم يروهم.
قال الضحاك : طمس الله على أبصارهم فلم يروا الرسل ؛ فقالوا : لقد رأيناهم حين دخلوا البيت فأين ذهبوا؟ فرجعوا ولم يروهم.
﴿ فَذُوقُواْ عَذَابِي وَنُذُرِ ﴾ أي فقلنا لهم ذوقوا، والمراد من هذا الأمر الخبر ؛ أي فأذقتهم عذابي الذي أنذرهم به لوط.
﴿ وَلَقَدْ صَبَّحَهُم بُكْرَةً عَذَابٌ مُّسْتَقِرٌّ ﴾ أي دائم عام استقر فيهم حتى يفضي بهم إلى عذاب الآخرة.
وذلك العذاب قَلْب قريتهم عليهم وجعل أعلاها أسفلها.
و"بُكْرَةً" هنا نكرة فلذلك صرفت.
﴿ فَذُوقُواْ عَذَابِي وَنُذُرِ ﴾ العذاب الذي نزل بهم من طمس الأعين غير العذاب الذي أهلكوا به فلذلك حسن التكرير.
﴿ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا القرآن لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُدَّكِرٍ ﴾ تقدم. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ١٧ صـ ﴾