وقال الآلوسى :
﴿ كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بالنذر ﴾
على قياس النظير السابق
﴿ إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حاصبا ﴾
ملكاً على ما قيل يحصبهم أي يرميهم بالحصباء والحجارة أو هم اسم للريح التي تحصب ولم يرد بها الحدوث كما ف ناقة ضامر وهو وجه التذكير، وقال ابن عباس : هو ما حاصبوا به من السماء من الحجارة في الريح، وعليه قول الفرزدق
: مستقبلين شمال الشام تضربنا...
( بحاصب ) كنديف القطن منثور
﴿ إِلا ءالَ لُوطٍ ﴾ خاصته المؤمنين به، وقيل : إله ابنتاه ﴿ نجيناهم بِسَحَرٍ ﴾ أي في سحر وهو آخر الليل، وقيل : السدس الأخير منه، وقال الراغب : السحر والسحرة اختلاط ظلام آخر الليل بصفاء النهار وجعل اسماً لذلك الوقت، ويجوز كون الباء للملابسة والجار والمجرور في موضع الحال أي ملتبسين ﴿ بِسَحَرٍ ﴾ داخلين فيه.
﴿ نّعْمَةً مّنْ عِندِنَا ﴾ أي إنعاماً منا وهو علة لنجينا، ويجوز نصبه بفعل مقدر من لفظه، أو بنجينا لأن النتيجة إنعام فهو كقعدت جلوساً ﴿ كذلك ﴾ أي مثل ذلك الجزاء العجيب ﴿ نَجْزِى مَن شَكَرَ ﴾ نعمتنا بالايمان والطاعة.
﴿ وَلَقَدْ أَنذَرَهُمْ ﴾ لوط عليه السلام ﴿ بَطْشَتَنَا ﴾ أخذتنا الشديدة بالعذاب.
وجوز أن يراد بها نفس العذاب ﴿ فَتَمَارَوْاْ ﴾ فكذبوا ﴿ بالنذر ﴾ متشاكين، فالفعل مضمن معنى التكذيب ولولاه تعدى بفي.
﴿ وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَن ضَيْفِهِ ﴾ صرفوه عن رأيه فيهم وطلبوا الفجور بهم وهذا من إسناد ما للبعض للجميع لرضاهم به ﴿ فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ ﴾ أي أزلنا أثرها وذلك بمسحها وتسويتها كسائر الوجه، وهو كما قال أبو عبيدة، وروى أن جبريل عليه السلام استأذن ربه سبحانه في عقوبتهم ليلة جاءوا وعالجوا الباب ليدخلوا عليهم فصفقهم بجناحه فتركهم عمياناً يترددون لا يهتدون إلى طريق خروجهم حتى أخرجهم لوط عليه السلام وقال ابن عباس.