قال محمد بن إسحاق : كمن لها في أصل شجرة على طريقها، فرماها بسهم، فانتظم به عضلة ساقها، ثم شدّ عليها بالسيف، فكسر عرقوبها، ثم نحرها، والتعاطي : تناول الشيء بتكلف ﴿ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِى وَنُذُرِ ﴾ قد تقدّم تفسيره في هذه السورة.
ثم بيّن ما أجمله من العذاب فقال :﴿ إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً واحدة ﴾ قال عطاء : يريد صيحة جبريل، وقد مضى بيان هذا في سورة هود، وفي الأعراف ﴿ فَكَانُواْ كَهَشِيمِ المحتظر ﴾ قرأ الجمهور بكسر الظاء، والهشيم : حطام الشجر ويابسه، والمحتظر : صاحب الحظيرة، وهو الذي يتخذ لغنمه حظيرة تمنعها عن برد الرّيح، يقال : احتظر على غنمه : إذا جمع الشجر ووضع بعضه فوق بعض.
قال في الصحاح : والمحتظر : الذي يعمل الحظيرة.
وقرأ الحسن، وقتادة، وأبو العالية بفتح الظاء أي : كهشيم الحظيرة، فمن قرأ بالكسر أراد الفاعل للاحتظار، ومن قرأ بالفتح أراد الحظيرة، وهي فعيلة بمعنى مفعولة ومعنى الآية : أنهم صاروا كالشجر إذا يبس في الحظيرة، وداسته الغنم بعد سقوطه، ومنه قول الشاعر :
أثرن عجاجه كدخان نار... تشب بغرقد بال هشيم
وقال قتادة : هو العظام النخرة المحترقة.
وقال سعيد بن جبير : هو التراب المتناثر من الحيطان في يوم ريح.
وقال سفيان الثوري : هو ما يتناثر من الحظيرة إذا ضربتها بالعصي.
قال ابن زيد : العرب تسمي كل شيء كان رطباً فيبس هشيماً، ومنه قول الشاعر :
ترى جيف المطيّ بجانبيه... كأن عظامها خشب الهشيم
﴿ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا القرءان لِلذّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ ﴾ قد تقدم تفسير هذا في هذه السورة.
ثم أخبر سبحانه عن قوم لوط بأنهم كذبوا رسل الله، كما كذبهم غيرهم، فقال :﴿ كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بالنذر ﴾ وقد تقدّم تفسير النذر قريباً.
ثم بيّن سبحانه ما عذبهم به، فقال :﴿ إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حاصبا ﴾ أي : ريحاً ترميهم بالحصباء، وهي الحصى.


الصفحة التالية
Icon