قال أبو عبيدة، والنضر بن شميل : الحاصب : الحجارة في الريح.
قال في الصحاح : الحاصب : الريح الشديدة التي تثير الحصباء، ومنه قول الفرزدق :
مستقبلين شمال الشام يضربها... بحاصب كنديف القطن منثور
﴿ إِلاَّ الَ لُوطٍ نجيناهم بِسَحَرٍ ﴾ يعني : لوطاً ومن تبعه، والسحر : آخر الليل، وقيل : هو في كلام العرب اختلاط سواد الليل ببياض أوّل النهار، وانصرف ﴿ سحر ﴾ لأنه نكرة لم يقصد به سحر ليلة معينة، ولو قصد معيناً لامتنع.
كذا قال : الزجاج، والأخفش، وغيرهما.
وانتصاب ﴿ نّعْمَةً مّنْ عِندِنَا ﴾ على العلة، أو على المصدرية، أي : إنعاماً منا على لوط، ومن تبعه.
﴿ كَذَلِكَ نَجْزِى مَن شَكَرَ ﴾ أي : مثل ذلك الجزاء نجزي من شكر نعمتنا، ولم يكفرها ﴿ وَلَقَدْ أَنذَرَهُمْ بَطْشَتَنَا ﴾ أي : أنذر لوط قومه بطشة الله بهم، وهي عذابه الشديد، وعقوبته البالغة ﴿ فَتَمَارَوْاْ بالنذر ﴾ أي : شكوا في الإنذار ولم يصدّقوه، وهو تفاعلوا من المرية، وهي الشك ﴿ وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَن ضَيْفِهِ ﴾ أي : أرادوا منه تمكينهم ممن أتاه من الملائكة ليفجروا بهم، كما هو دأبهم، يقال راودته عن كذا مراودة ورواداً، أي : أردته، وراد الكلام يروده روداً، أي : طلبه، وقد تقدّم تفسير المراودة مستوفى في سورة يوسف ﴿ فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ ﴾ أي : صيرنا أعينهم ممسوحة لا يرى لها شقّ، كما تطمس الريح الأعلام بما تسفي عليها من التراب.
وقيل : أذهب الله نور أبصارهم مع بقاء الأعين على صورتها.
قال الضحاك : طمس الله على أبصارهم، فلم يروا الرسل، فرجعوا ﴿ فَذُوقُواْ عَذَابِى وَنُذُرِ ﴾ قد تقدّم تفسيره في هذه السورة ﴿ وَلَقَدْ صَبَّحَهُم بُكْرَةً عَذَابٌ مُّسْتَقِرٌّ ﴾ أي : أتاهم صباحاً عذاب مستقرّ بهم نازل عليهم لا يفارقهم ولا ينفك عنهم.


الصفحة التالية
Icon