وأسند المراودة إلى ضمير قوم لوط وإن كان المراودون نفراً منهم لأن ما راودوا عليه هو راد جميع القوم بقطع النظر عن تعيين من يفعله.
ويتعلق قوله :﴿ عن ضيفه ﴾ بفعل ﴿ راودوه ﴾ بتقدير مضاف، أي عن تمكينهم من ضيوفه.
وقوله :﴿ فذوقوا عذابي ونذر ﴾ مقول قول محذوف دل عليه سياق الكلام للنفَر الذين طمسنا أعينهم ﴿ ذوقوا عذابي ﴾ وهو العمى، أي ألقى الله في نفوسهم أنَّ ذلك عقاب لهم.
واستعمل الذوق في الإِحساس بالعذاب مجازاً مرسلاً بعلاقة التقييد في الإِحساس.
وعطف النذر على العذاب باعتبار أن العذاب تصديق للنذر، أي ذوقوا مصداق نذري، وتعدية فعل ﴿ ذوقوا ﴾ إلى ﴿ نذري ﴾ بتقدير مضاف، أي وآثار نذري.
والقول في تأكيده بلام القسم تقدم، وحذفت ياء المتكلم من قوله :﴿ ونذر ﴾ تخفيفاً.
وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً عَذَابٌ مُسْتَقِرٌّ (٣٨)
القول في تأكيده بلام القسم تقدم آنفاً في نظيره.
والبكرة : أول النهار وهو وقت الصبح، وقد جاء في الآية الأخرى قوله :﴿ إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب ﴾ [ هود : ٨١ ]، فذكر ﴿ بكرة ﴾ للدلالة على تعجيل العذاب لهم.
والتصبيح : الكون في زمن الصباح وهو أول النهار.
والمستقر : الثابت الدائم الذي يجري على قوة واحدة لا يقلع حتى استأصلهم.
والعذاب : هو الخسف ومطر الحجارة وهو مذكور في سورة الأعراف وسورة هود.
فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ (٣٩)
تفريع قولٍ محذوف خوطبوا به مراد به التوبيخ ؛ إمّا بأن ألقي في روعهم عند حلول العذاب، بأن ألقَى الله في أسماعهم صوتاً.
والخطاب لجميع الذين أصابهم العذاب المستقر، وبذلك لم تكن هذه الجملة تكريراً.
وحذفت ياء المتكلم من قوله :﴿ ونذر ﴾ تخفيفاً.
والقول في استعمال الذوق هنا كالقول في سابقه.
وفائدة الإعلام بما قيل لهم من قوله :﴿ فذوقوا عذابي ونذر ﴾ في الموضعين أن يتجدد عند استماع كل نبإ من ذلك ادّكار لهم واتّعاظ وإيقاظ استيفاءً لحق التذكير القرآني.


الصفحة التالية
Icon