فصل


قال الفخر :
﴿ وَلَقَدْ جَاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ (٤١) ﴾
وفيه مسائل :
المسألة الأولى :
ما الفائدة في لفظ :﴿آل فِرْعَوْنَ﴾ بدل قوم فرعون ؟ نقول : القوم أعم من الآل، فالقوم كل من يقوم الرئيس بأمرهم أو يقومون بأمره، والآل كل من يؤول إلى الرئيس خيرهم وشرهم أو يؤول إليهم خيره وشره، فالبعيد الذي لا يعرفه الرئيس ولا يعرف هو عين الرئيس وإنما يسمع اسمه، فليس هو بآله، إذا عرفت الفرق، نقول : قوم الأنبياء الذين هم غير موسى عليهم السلام، لم يكن فيهم قاهر يقهر الكل ويجمعهم على كلمة واحدة، وإنما كانوا هم رؤساء وأتباعاً، والرؤساء إذا كثروا لا يبقى لأحد منهم حكم نافذ على أحد، أما على من هو مثله فظاهر، وأما على الأراذل فلأنهم يلجئون إلى واحد منهم ويدفعون به الآخر، فيصير كل واحد برأسه، فكأن الإرسال إليهم جميعاً، وأما فرعون فكان قاهراً يقهر الكل، وجعلهم بحيث لا يخالفونه في قليل ولا كثير، فأرسل الله إليه الرسول وحده، غير أنه كان عنده جماعة من التابعين المقربين مثل قارون تقدم عنده لماله العظيم، وهامان لدهائه، فاعتبرهم الله في الإرسال، حيث قال : في مواضع :﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا موسى بآياتنا إلى فِرْعَوْنَ﴾ [ الزخرف : ٤٦ ] وقال تعالى :﴿بآياتنا...
إلى فرعون وهامان وقارون﴾
[ غافر : ٢٣، ٢٤ ] وقال في العنكبوت :﴿وقارون وَفِرْعَوْنَ وهامان وَلَقَدْ جَاءهُمْ موسى﴾ [ العنكبوت : ٣٩ ] لأنهم إن آمنوا آمن الكل بخلاف الأقوام الذين كانوا قبلهم وبعدهم، فقال :﴿وَلَقَدْ جَاء ءالَ فِرْعَوْنَ النذر﴾ وقال كثيراً مثل هذا كما في قوله :﴿أدخلوا آل فرعون أشد العذاب﴾ [ غافر : ٤٦ ]، ﴿وَقَالَ رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ مّنْ ءالِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إيمانه﴾ [ غافر : ٢٨ ] وقال : بلفظ الملأ أيضاً كثيراً.
المسألة الثانية :


الصفحة التالية
Icon