﴿وَهُوَ الغفور الودود * ذُو العرش المجيد * فَعَّالٌ لّمَا يُرِيدُ﴾ [ البروج : ١٤ ١٦ ] وعلى هذا فقوله :﴿نَحْنُ جَمِيعٌ مُّنتَصِرٌ﴾ أفرده لمجاورته ﴿جَمِيعٌ﴾، ويحتمل أن يقال معنى :﴿نَحْنُ جَمِيعٌ مُّنتَصِرٌ﴾ أن جميعاً بمعنى كل واحد كأنه قال : نحن كل واحد منا منتصر، كما تقول : هم جميعهم أقوياء بمعنى أن كل واحد منهم قوي، وهم كلهم علماء أي كل واحد عالم فترك الجمع واختار الإفراد لعود الخبر إلى كل واحد فإنهم كانوا يقولون : كل واحد منا يغلب محمداً ﷺ كما قال أبي بن خلف الجمحي وهذا فيه معنى لطيف وهو أنهم ادعوا أن كل واحد غالب، والله رد عليهم بأجمعهم بقوله :
سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ (٤٥)
وهو أنهم ادعوا القوة العامة بحيث يغلب كل واحد منهم محمداً ﷺ والله تعالى بين ضعفهم الظاهر الذي يعمهم جميعهم بقوله :﴿وَيُوَلُّونَ الدبر﴾ وحينئذ يظهر سؤال وهو أنه قال :﴿يُوَلُّونَ الدبر﴾ ولم يقل : يولون الأدبار.
وقال في موضع آخر :﴿يُوَلُّوكُمُ الأدبار ثُمَّ لاَ يُنصَرُونَ﴾ [ آل عمران : ١١١ ] وقال :﴿وَلَقَدْ كَانُواْ عاهدوا الله مِن قَبْلُ لاَ يُوَلُّونَ الأدبار﴾ [ الأحزاب : ١٥ ] وقال في موضع آخر :﴿فَلاَ تُوَلُّوهُمُ الأدبار﴾ [ الأنفال : ١٥ ] فكيف تصحيح الإفراد وما الفرق بين المواضع ؟ نقول : أما التصحيح فظاهر لأن قول القائل : فعلوا كقوله فعل هذا وفعل ذاك وفعل الآخر.


الصفحة التالية
Icon