البحث الثالث : اختلف القائلون في التعصب أن الاسم بالمعتزلة أحق أم بالأشاعرة ؟ فقالت : المعتزلة الاسم بكم أحق لأن النسبة تكون للإثبات لا للنفي، يقال للدهري : دهري لقوله بالدهر، وإثباته، وللمباحي إباحي لإثباته الإباحة وللتنوية تنوية لإثباتهم الإثنين وهما النور والظلمة، وكذلك أمثله وأنتم تثبتون القدر، وقالت الأشاعرة : النصوص تدل على أن القدري من ينفي قدرة الله تعالى ومشركو قريش ما كانوا قدرية إلا لإثباتهم قدرة لغير الله، قالت : المعتزلة إنما سمي المشركون قدرية لأنهم قالوا : إن كان قادراً على الحوادث كما تقول يا محمد فلو شاء الله لهدانا ولو شاء لأطعم الفقير، فاعتقدوا أن من لوازم قدرة الله تعالى على الحوادث خلقه الهداية فيهم إن شاء، وهذا مذهبكم أيها الأشاعرة، والحق الصراح أن كل واحد من المسلمين الذين ذهبوا إلى المذهبين خارج عن القدرية، ولا يصير واحد منهم قدرياً إلا إذا صار النافي نافياً للقدرة والمثبت منكراً للتكليف.
المسألة الثانية :
المجرمون هم المشركون ههنا كما في قوله تعالى :﴿وَلَوْ ترى إِذِ المجرمون نَاكِسُواْ رُؤُوسَهُمْ﴾ [ السجدة : ١٢ ] وقوله :﴿يَوَدُّ المجرم لَوْ يَفْتَدِي﴾ [ المعارج : ١١ ] وفي قوله :﴿يُعْرَفُ المجرمون بسيماهم﴾ [ الرحمن : ٤١ ] فالآية عامة، وإن نزلت في قوم خاص.
وجرمهم تكذيب الرسل والنذر بالإشراك وإنكار الحشر وإنكار قدرة الله تعالى على الإحياء بعد الإماتة، وعلى غيره من الحوادث.
المسألة الثالثة :
﴿فِى ضلال وَسُعُرٍ﴾ يحتمل وجوهاً ثلاثة أحدها : الجمع بين الأمرين في الدنيا أي هم في الدنيا في ضلال وجنون لا يعقلون ولا يهتدون، وعلى هذا فقوله :﴿يُسْحَبُونَ﴾ بيان حالهم في تلك الصورة وهو أقرب ثانيها : الجمع في الآخرة أي هم في ضلال الآخرة وسعر أيضاً.