﴿كُلٌّ﴾ قرىء بالنصب وهو الأصح المشهور، وبالرفع فمن قرأ بالنصب فنصبه بفعل مضمر يفسره الظاهر كقوله :﴿والقمر قدرناه﴾ [ يس : ٣٩ ] وقوله :﴿والظالمين أَعَدَّ لَهُمْ﴾ [ الإنسان : ٣١ ] وذلك الفعل هو خلقناه وقد فسره قوله :﴿خلقناه﴾ كأنه قال : إنا خلقنا كل شيء بقدر، وخلقناه على هذا لا يكون صفة لشيء كما في قوله تعالى :﴿وَمِن كُلّ شَىْء خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ﴾ [ الذاريات : ٤٩ ] غير أن هناك يمنع من أن يكون صفة كونه خالياً عن ضمير عائد إلى الموصوف، وههنا لم يوجد ذلك المانع، وعلى هذا فالآية حجة على المعتزلة لأن أفعالنا شيء فتكون داخلة في كل شيء فتكون مخلوقة لله تعالى، ومن قرأ بالرفع لم يمكنه أن يقول كما يقول في قوله :﴿وَأَمَّا ثَمُودُ فهديناهم﴾ [ فصلت : ١٧ ] حيث قرىء بالرفع لأن كل شيء نكرة فلا يصح مبتدأ فيلزمه أن يقول : كل شيء خلقناه فهو بقدر، كقوله تعالى :﴿وَكُلُّ شَىْء عِندَهُ بِمِقْدَارٍ﴾ [ الرعد : ٨ ] في المعنى، وهذان الوجهان ذكرهما ابن عطية في تفسيره وذكر أن المعتزلي يتمسك بقراءة الرفع ويحتمل أن يقال : القراءة الأولى وهو النصب له وجه آخر، وهو أن يقال : نصبه بفعل معلوم لا بمضمر مفسر وهو قدرنا أو خلقنا، كأنه قال : إنا خلقنا كل شيء خلقناه بقدر، أو قدرنا كل شيء خلقناه بقدر، وإنما قلنا : إنه معلوم لأن قوله :﴿ذَلِكُمُ الله رَبُّكُمْ خالق كُلّ شَىْء﴾ [ غافر : ٦٢ ] دل عليه، وقوله :﴿وَكُلَّ شىْء بِمِقْدَارٍ﴾ دل على أنه قدر وحينئذ لا يكون في الآية دلالة على بطلان قول المعتزلي وإنما يدل على بطلان قوله :


الصفحة التالية
Icon