من مجازات القرآن واستعاراته فى السورة الكريمة
قال الشريف الرضى :
ومن السورة التي يذكر فيها «الرحمن» سبحانه
[سورة الرحمن (٥٥) : الآيات ٦ الى ٧]
وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدانِ (٦) وَالسَّماءَ رَفَعَها وَوَضَعَ الْمِيزانَ (٧)
قوله تعالى : وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدانِ [٦] وهذه استعارة : والنجم هاهنا ما نجم من النبات. أي طلع وظهر. والمراد بسجود النبات والشجر- واللّه أعلم- ما يظهر عليها من آثار صنعة الصانع الحكيم، والمقدّر العليم، بالتنقل من حال الإطلاع، إلى حال الإيناع، ومن حال الإيراق إلى حال الإثمار، غير ممتنعة على المصرّف، ولا آبية على المدبّر.
وقوله سبحانه : وَالسَّماءَ رَفَعَها وَوَضَعَ الْمِيزانَ [٧] ولفظ الميزان هاهنا مستعار، على أحد التأويلين. وهو أن يكون معناه العدل الذي تستقيم «١» به الأمور، ويعتدل عليه الجمهور. وشاهد ذلك قوله تعالى : وَزِنُوا بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِيمِ «٢» أي بالعدل فى الأمور.
وروى عن مجاهد «٣» أنه قال : القسطاس : العدل بالرومية. ويقال : قسطاس، وقسطاس. بالضم والكسر، كقرطاس وقرطاس.
[سورة الرحمن (٥٥) : الآيات ١٩ الى ٢٠]
مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ (١٩) بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ (٢٠)
وقوله تعالى : مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ، بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ [١٩]، [٢٠] وهذه استعارة. والمراد بها أنه سبحانه أرسل البحرين طاميين، وأمارهما مائعين،

(١) فى الأصل «يستقيم» وهو تحريف.
(٢) سورة الإسراء. الآية رقم ٣٥.
(٣) هو من المفسرين الأولين للقرآن الكريم، والمشهور أنه أول من دون فى التفسير، وتفسيره غير موجود، ولعل الموجود هو تفسير ابن عباس رواه مجاهد. وذكر ابن عطية فى «مقدمته» أن صدر المفسرين والمؤيد فيهم هو على بن أبى طالب رضى اللّه عنه، ويتلوه عبد اللّه بن عباس، ويتلوه مجاهد وسعيد بن جبير وغيرهما ويذكر ابن عطية أن مجاهدا قرأ على ابن عباس قراءة تفهم ووقوف عند كل آية. وذكر جورجى زيدان أن مجاهدا توفى سنة ١٠٤ ه. انظر «تاريخ آداب اللغة العربية» ج ١ ص ٢٠٥، و«مقدمتان فى علوم القرآن» بتحقيق المستشرق أرثر جفرى، ونشر مكتبة الخانجى.


الصفحة التالية
Icon