اللّه هو اللّه، وهذا واضح البيان، وقد مضى الكلام على هذا المعنى فيما تقدم.
[سورة الرحمن (٥٥) : آية ٣١]
سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ (٣١)
وقوله سبحانه : سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ [٣١] وهذه استعارة. وقد كان والدي الطاهر الأوحد، ذو المناقب، أبو أحمد الحسين «١»، بن موسى الموسوي، رضى اللّه عنه وأرضاه، سألنى عن هذه الآية فى عرض كلام جرّ ذكرها، فأجبته فى الحال بأعرف الأجوبة المقولة فيها. وهو أن يكون المراد بذلك : سنعمد لعقابكم ونأخذ فى جزائكم على مساوئ أعمالكم، وأنشدته بيت جرير كاشفا عن حقيقة هذا المعنى.
وهو قوله :
ألان وقد فرغت إلى نمير فهذا حين صرت لها عذابا
فقال : فرغت إلى نمير، كما يقول : عمدت إليها. فأعلمنا أن معنى فرغت هاهنا معنى عمدت وقصدت. ولو كان يريد الفراغ من الشغل لقال : فرغت لها، ولم يقل فرغت إليها.
وقال بعضهم : إنما قال سبحانه : سَنَفْرُغُ لَكُمْ ولم يقل : سنعمد. لأنه أراد أي سنفعل فعل من يتفرغ للعمل من غير تمجيع «٢» فيه، ولا اشتغال بغيره عنه، ولأنه لما كان الذي يعمد إلى الشيء ربما قصّر فيه لشغله معه بغيره، وكان الفارغ له- فى الغالب- هو المتوفّر عليه دون غيره، دللنا بذلك على المبالغة فى الوعيد من الجهة التي هى أعرف عندنا، ليقع الزجر بأبلغ الألفاظ، وأدلّ الكلام على معنى الإبعاد.
وقال بعضهم : أصل الاستعارة موضوع على مستعار منه ومستعار له، فالمستعار منه
(٢) التمجيع : الممازحة والمماجنة فى العمل وعدم أخذه مأخذ الجد.