فصل فى التفسير الموضوعى للسورة كاملة


قال الشيخ محمد الغزالى :
سورة الرحمن
" الرحمن " من أسماء الله الحسنى، ويكثر أن يقترن باسم الذات " قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن... ". ومن آلاء الله العظمى أنه لم يترك البشر دون هداية تقود خطاهم وترسم هدفهم، فكان هذا القرآن الكريم جامعا لما أودع فى صحف الأنبياء الأولين ومتضمنا أسباب الرشد للناس حتى قيام الساعة، فهو فى سورة الآلاء النعمة الأولى على صاحب الرسالة الخاتمة " وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم". وهو نعمة عظمى على كل من درسه وفقه الناس فيه " خيركم من تعلم القرآن وعلمه " لأنه يخلف الأنبياء فى تبليغ الرسالة ومحو الجاهلية " الرحمن * علم القرآن ". ومن خصائص الجنس البشرى نعمة البيان ونقل المعنى إلى الآخرين بألسنة شتى. ثم بين جل شأنه أن الكون محكوم بسنن ضابطة، وأن الكواكب لا تتجول فى الفضاء كما يحلو لها، إن لها مسارا مرسوما وسرعة محددة، وعليها إشراف دقيق! وكذلك ما ينمو على الأرض من زرع له ساق مرتفعة أوله ساق تمتد على الثرى، كلاهما خاضع لنظام محكم " وأنبتنا فيها من كل شيء موزون". إن جنبات الكون تشبه آلات الساعة التى تحصى الزمن " الشمس والقمر بحسبان * والنجم والشجر يسجدان * والسماء رفعها ووضع الميزان * ألا تطغوا في الميزان ". وقد يظهر الفساد فى البر والبحر بسبب فوضى الناس! وقد يقع ثقب فى طبقة "الأوزون " بسبب الإسراف والطغيان، بيد أن قياد الكون لن يضطرب فى يد خالقه! ولن يختل التوازن العام فى قوانين المادة، إلى أن يأذن الله بفناء العالم وإعادة الخلق بعد بدئه وإفنائه..


الصفحة التالية
Icon