النجم ماذا ؟ نقول : فيه وجهان أحدهما : النبات الذي لا ساق له والثاني : نجم السماء والأول أظهر لأنه ذكره مع الشجر في مقابلة الشمس والقمر ذكر أرضين في مقابلة سماوين، ولأن قوله :﴿يَسْجُدَانِ﴾ يدل على أن المراد ليس نجم السماء لأن من فسر به قال : يسجد بالغروب، وعلى هذا فالشمس والقمر أيضاً كذلك يغربان، فلا يبقى للاختصاص فائدة، وأما إذا قلنا : هما أرضان فنقول :﴿يَسْجُدَانِ﴾ بمعنى ظلالهما تسجد فيختص السجود بهما دون الشمس والقمر، وفي سجودهما وجوه أحدها : ما ذكرنا من سجود الظلال ثانيها : خضوعهما لله تعالى وخروجهما من الأرض ودوامهما وثباتهما عليها بإذن الله تعالى، فسخر الشمس والقمر بحركة مستديرة والنجم بحركة مستقيمة إلى فوق، فشبه النبات في مكانها بالسجود لأن الساجد يثبت.
ثالثها : حقيقة السجود توجد منهما وإن لم تكن مرئية كما يسمح كل منهما وإن لم يفقه كما قال تعالى :﴿ولكن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ﴾ [ الإسراء : ٤٤ ]، رابعها : السجود وضع الجبهة أو مقاديم الرأس على الأرض والنجم والشجر في الحقيقة رؤوسهما على الأرض وأرجلهما في الهواء، لأن الرأس من الحيوان ما به شربه واغذاؤه، وللنجم والشجر اغتذاؤهما وشربهما بأجذالهما ولأن الرأس لا تبقى بدونه الحياة والشجر والنجم لا يبقى شيء منهما ثابتاً غضاً عند وقوع الخلل في أصولهما، ويبقى عند قطع فروعهما وأعاليهما، وإنما يقال : للفروع رؤوس الأشجار، لأن الرأس في الإنسان هو ما يلي جهة فوق فقيل لأعالي الشجر رؤوس، إذا علمت هذا فالنجم والشجر رؤوسهما على الأرض دائماً، فهو سجودهما بالشبه لا بطريق الحقيقة.
المسألة الثالثة :


الصفحة التالية
Icon