﴿والبحر يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ﴾ [ لقمان : ٢٧ ] فلما ذكرنا العذاب ثلاث مرات ذكر الآلاء إحدى وثلاثين مرة لبيان ما فيه من المعنى وثلاثين مرة للتقرير الآلاء مذكورة عشر مرات أضعاف مرات ذكر العذاب إشارة إلى معنى قوله تعالى :﴿مَن جَاء بالحسنة فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَاء بالسيئة فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا﴾ [ الأنعام : ١٦٠ ]، الثالث : إن الثلاثين مرة تكرير بعد البيان في المرة الأولى لأن الخطاب مع الجن والإنس، والنعم منحصرة في دفع المكروه وتحصيل المقصود، لكن أعظم المكروهات عذاب جهنم ولها سبعة أبواب وأتم المقاصد نعيم الجنة ولها ثمانية أبواب فإغلاق الأبواب السبعة وفتح الأبواب الثمانية جميعه نعمة وإكرام، فإذا اعتبرت تلك النعم بالنسبة إلى جنسي الجن والإنس تبلغ ثلاثين مرة وهي مرات التكرير للتقرير، والمرة الأولى لبيان فائدة الكلام، وهذا منقول وهو ضعيف، لأن الله تعالى ذكر نعم الدنيا والآخرة، وما ذكره اقتصار على بيان نعم الآخرة الرابع : هو أن أبواب النار سبعة والله تعالى ذكر سبع آيات تتعلق بالتخويف من النار، من قوله تعالى :﴿سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثقلان﴾، إلى قوله تعالى :﴿يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ ءَانٍ﴾ [ الرحمن : ٣١ ٤٤ ] ثم إنه تعالى ذكر بعد ذلك جنتين حيث قال :﴿وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبّهِ جَنَّتَانِ﴾ [ الرحمن : ٤٦ ] ولكل جنة ثمانية أبواب تفتح كلها للمتقين، وذكر من أول السورة إلى ما ذكرنا من آيات التخويف ثماني مرات :﴿فَبِأَيِّ ءَالاء رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ﴾ سبع مرات للتقرير بالتكرير استيفاء للعدد الكثير الذي هو سبعة، وقد بينا سبب اختصاصه في قوله تعالى :﴿سَبْعَةُ أَبْحُرٍ﴾ [ لقمان : ٢٧ ] وسنعيد منه طرفاً إن شاء الله تعالى، فصار المجموع ثلاثين مرة المرة الواحدة التي هي عقيب النعم الكثيرة لبيان المعنى وهو الأصل والتكثير تكرار فصار إحدى وثلاثين مرة. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٢٩ صـ ٧٧ ـ ٨٦﴾