وفيه وجهان أحدهما : لا يسأله أحد عن ذنبه، فلا يقال : له أنت المذنب أو غيرك، ولا يقال : من المذنب منكم بل يعرفونه بسواد وجوههم وغيره، وعلى هذا فالضمير في ذنبه عائد إلى مضمر مفسر بما يعده، وتقديره لا يسأل إنس عن ذنبه ولا جان يسأل، أي عن ذنبه وثانيهما : معناه قريب من المعنى قوله تعالى :﴿وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أخرى﴾ [ الأنعام : ١٦٤ ] كأنه يقول : لا يسأل عن ذنبه مذنب إنس ولا جان وفيه إشكال لفظي، لأن الضمير في ذنبه إن عاد إلى أمر قبله يلزم استحالة ما ذكرت من المعنى بل يلزم فساد المعنى رأساً لأنك إذا قلت : لا يسأل مسؤول واحد أو إنسي مثلاً عن ذنبه فقولك بعد إنس ولا جان، يقتضي تعلق فعل بفاعلين وأنه محال، والجواب عنه من وجهين أحدهما : أن لا يفرض عائداً وإنما يجعل بمعنى المظهر لا غير ويجعل عن ذنبه كأنه قال : عن ذنب مذنب ثانيهما : وهو أدق وبالقبول أحق أن يجعل ما يعود إليه الضمير قبل الفعل فيقال : تقديره فالمذنب يومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان، وفيه مسائل لفظية ومعنوية :
المسألة الأولى :
اللفظية الفاء للتعذيب وأنه يحتمل أن يكون زمانياً كأنه يقول : فإذا انشقت السماء يقع العذاب، فيوم وقوعه لا يسأل، وبين الأحوال فاصل زماني غير متراخ، ويحتمل أن يكون عقلياً كأنه يقول : يقع العذاب فلا يتأخر تعلقه بهم مقدار ما يسألون عن ذنبهم، ويحتمل أن يكون أراد الترتيب الكلامي كأنه يقول : تهربون بالخروج من أقطار السموات، وأقول لا تمتنعون عند انشقاق السماء، فأقول : لا تمهلون مقدار ما تسألون.
المسألة الثانية :