وقال ابن عطية فى الآيات السابقة :
﴿ يا معشر الجن والإنس ﴾
واختلف الناس في معنى قوله :﴿ إن استطعتم أن تنفذوا ﴾ الآية، فقال الطبري، قال قوم : في الكلام محذوف وتقديره : يقال لكم ﴿ يا معشر الجن والإنس ﴾، قالوا وهذه حكاية عن حال يوم القيامة في ﴿ يوم التنادّ ﴾ [ غافر : ٣٢ ] على قراءة من شدد الدال. قال الضحاك : وذلك أنه يفر الناس في أقطار الأرض، والجن كذلك، لما يرون من هول يوم القيامة، فيجدون سبعة صفوف من الملائكة قد أحاطت بالأرض، فيرجعون من حيث جاؤوا، فحينئذ يقال لهم :﴿ يا معشر الجن والإنس ﴾. وقال بعض المفسرين : بل هي مخاطبة في الدنيا. والمعنى :﴿ إن استطعتم ﴾ الفرار من الموت ب ﴿ أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض ﴾. وقال ابن عباس المعنى : إن استطعتم بأذهانكم وفكركم أن تنفذوا فتعلموا علم أقطار السماوات والأرض. والأقطار : الجهات.
وقوله :﴿ فانفذوا ﴾ صيغة الأمر ومعناه التعجيز، والسلطان هنا القوة على غرض الإنسان، ولا يستعمل إلا في الأعظم من الأمر والحجج أبداً من القوي في الأمور، ولذلك يعبر كثير من المفسرين عن السلطان بأنه الحجة. وقال قتادة : السلطان هنا الملك، وليس لهم ملك، والشواظ : لهب النار. قاله ابن عباس وغيره. وقال أبو عمرو بن العلاء : لا يكون الشواظ إلا من النار وشيء معها، وكذلك النار كلها لا تحس إلا وشيء معها. وقال مجاهد : الشواظ، هو اللهب الأخضر المتقطع، ويؤيد هذا القول. قول حسان بن ثابت يهجو أمية بن أبي الصلت :
هجوتك فاختضعت حليفا ذل... بقاقية تؤجج كالشواظ
وقال الضحاك : هو الدخان الذي يخرج من اللهب وليس بدخان الحطب.
وقرأ الجمهور :" شُواظ " بضم الشين. وقرأ ابن كثير وحده وشبل وعيسى :" شِواظ " بكسر الشين وهما لغتان.
وقال ابن عباس وابن جبير : النحاس الدخان، ومنه قول الأعشى :[ المتقارب ]
تضيء كضوء سراج السليط... لم يجعل الله فيه نحاسا