وقال أبو السعود :
﴿ فَإِذَا انشقت السماء ﴾
أي انصدعتْ يومَ القيامةِ ﴿ فَكَانَتْ وَرْدَةً ﴾ كوردةٍ حمراءَ وقُرِىءَ وردةٌ بالرفعِ على أنَّ كانَ تامةٌ أيَّ حصلتْ سماءٌ وردةٌ فيكونُ من بابِ التجريدِ كقولِ منْ قالَ :
وَلَئِنْ بَقيْتُ لأَرْحَلَّنَّ بغزوة... تَحوِي الغنائمَ أَوْ يموتَ كريمُ
﴿ كالدهان ﴾ خبرٌ ثانٍ لكانَتْ، أو نعتٌ لوردةً أو حالٌ من اسمِ كانتْ، أي كدُهنِ الزيتِ، وهو إمَّا جمعُ دُهنٍ، أو اسمٌ لَما يُدهنُ بهِ كالحِزامِ والأدامِ، وقيلَ : هو الأديمُ الأحمرُ. وجوابُ إذَا محذوفٌ أي يكونُ من الأحوالِ والأهوالِ ما لا يحيطُ بهِ دائرةُ المقالِ. ﴿ فَبِأَىّ ءالاء رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ ﴾ مع عظمِ شأنِها ﴿ فَيَوْمَئِذٍ ﴾ أي يومَ إذُ تنشقُ السماءُ حسبَما ذُكِرَ. ﴿ لاَّ يُسْئَلُ عَن ذَنبِهِ إِنسٌ وَلاَ جَانٌّ ﴾ لأنَّهم يُعرفونَ بسيماهُم وذلكَ أولَ ما يخرجونَ من القبورِ ويحشرونَ إلى الموقفِ ذَوْداً ذَوداً على اختلافِ مراتبِهم، وأما قولُه تعالى :﴿ فَوَرَبّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ﴾ ونحُوه ففي موقفِ المناقشةِ والحسابِ، وضميرُ ذنبِه للإنسِ لتقدمِه رتبةً، وإفرادُه لما أنَّ المرادَ فردٌ من الإنسِ كأنَّه قيلَ : لا يُسألُ عن ذنبهِ إنسيٌّ ولا جنيٌّ. ﴿ فَبِأَىّ ءالاء رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ ﴾ معَ كثرةِ منافعِها، فإنَّ الإخبارَ بما ذُكِرَ ممَّا يزجرُكُم عن الشرِّ المؤدِّي إليهِ، وأما ما قيلَ : ممَّا أنعمَ الله على عبادِه المؤمنينَ في هذا اليومِ فلا تعلقَ لهُ بالمقامِ.
وقولُه تعالَى :