ويحكى أن بعض الأمراء سأل وزيره عن معنى هذه الآية فلم يعرفه واستمهله إلى الغد، فرجع الوزير إلى داره كئيباً، فقال له غلام أسود من غلمانه : يا مولاي ما أصابك؟ فزجره. فقال : يا مولاي، أخبرني، فلعلّ الله سبحانه يسهّل لك الفرج على يديّ، فأخبره بذلك فقال له : عد إلى الأمير وقل له : إن لي غلاماً أسود إن أذنت له فسّر لك هذه الآية، ففعل ذلك ودعا الأمير الغلام وسأله عن ذلك فقال : أيها الأمير شأن الله هو انه يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل، ويخرج الميت من الحي يخرج الحي من الميت، ويشفي سقيماً، ويسقم سليماً، ويبتلي معافىً، ويعافي مبتلىً، ويعز ذليلا، ويذل عزيزاً، ويفقر غنياً ويغني فقيراً. فقال الأمير : أحسنت يا غلام، قد فرّجت عني. ثم أمر الوزير بخلع ثياب الوزارة وكساها الغلام، فقال : يا مولاي، هذا شأن الله عز وجل.
﴿ فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾.
﴿ سَنَفْرُغُ لَكُمْ ﴾ قرأ عبد الله وأبي ( سنفرغ اليكم )، وقرأ الاعمش بضم الياء وفتح الراء على غير تسمية، وقرأ الأعرج بفتح النون والراء. قال الكسائي : هي لغة تميم، وقرأ حمزة والكسائي وخلف بضم الياء وفتح الراء، واختاره أبو عبيد اعتباراً بقوله :﴿ يَسْأَلُهُ مَن فِي السماوات والأرض ﴾ فاتبع الخبر الخبر، وقرأ الباقون بفتح الياء وضم الراء، واختاره أبو حاتم.
فإن قيل : إن الفراغ لا يكون إلاّ عن شغل والله تعالى لا يشغله شأن عن شأن. قلنا : اختلف العلماء في معنى هذه الآية فقال قوم : هذا وعيد وتهديد من الله سبحانه وتعالى لهم كقول القائل : لأتفرغنّ لك وما به شغل، وهذا قول ابن عباس والضحاك، وقال آخرون : معناه سنقصدكم بعد الترك والإمهال ونأخذ في أمركم، وقد يقول القائل للذي لا شغل له : قد فرغت لي وفرغت لشتمي، أي أخذت فيه وأقبلت عليه. قال جرير بن الخطفي :