ولما التقى القين العراقي بأسته فرغت إلى القين المقيّد بالحجل
أي قصدته بما يسوؤه، وهذا القول اختيار الفندي والكسائي.
وقال بعضهم : إن الله سبحانه وعد على التقوى وأوعد على الفجور، ثم قال : سنفرغ لكم مما أوعدناكم وأخبرناكم فنحاسبكم ونجازيكم، وننجز لكم ما وعدناكم، ونوصل كلا إلى ما عدناه، فيتمّ ذلك ويفرغ منه، وإلى هذا ذهب الحسن ومقاتل وابن زيد، وقال ابن كيسان : الفراغ للفعل هو التوفر عليه دون غيره. ﴿ أَيُّهَ الثقلان ﴾ أي الجن والإنس، دليله قوله في عقبه ﴿ يامعشر الجن والإنس ﴾ سمّيا ثقلين ؛ لأنهما ثقل أحياءً وأمواتاً، قال الله سبحانه :﴿ وَأَخْرَجَتِ الأرض أَثْقَالَهَا ﴾ [ الزلزلة : ٢ ] وقال بعض أهل المعاني : كل شيء له قدر ينافس فيه فهو ثقل، ومنه قيل لبيض النعام : ثقل ؛ لأن واجده وصائده يفرح إذا ظفر به قال الشاعر :
فتذكّرا ثقلاً رثيداً بعدما ألقت ذكاءُ يمينها في كافر
وقال النبي ﷺ " إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي " فجعلهما ثقلين إعظاماً لقدرهما، وقال جعفر الصادق : سمي الجن والانس ثقلين ؛ لأنهما مثقلان بالذنوب.
﴿ فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * يامعشر الجن والإنس إِنِ استطعتم ﴾ ولم يقل : استطعتما ؛ لأنهما فريقان في حال جمع كقوله سبحانه :﴿ فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ ﴾ [ النمل : ٤٥ ] وقوله سبحانه :﴿ هذان خَصْمَانِ اختصموا فِي رَبِّهِمْ ﴾ [ الحج : ١٩ ].


الصفحة التالية
Icon