﴿ فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * يُعْرَفُ المجرمون بِسِيمَاهُمْ ﴾ وهو سواد الوجه وزرقة العيون ﴿ فَيُؤْخَذُ بالنواصي والأقدام ﴾ فيسحبون إلى النار ويقذفون فيها ثم يقال لهم :﴿ هذه جَهَنَّمُ التي يُكَذِّبُ بِهَا المجرمون ﴾ المشركون. ﴿ يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ ﴾ قد انتهى خبره، وقال قتادة : آني طبخه منذ خلق الله السماوات الأرض، ومعنى الآية أنهم يسعون بين الجحيم وبين الحميم.
قال كعب الأحبار :"آن" ( وادي ) من أودية جهنم يجمع فيه صديد أهل النار فينطلق بهم وهم في الأغلال فيغمسون في ذلك الوادي حتى تخلع أوصالهم، ثم يخرجون منها وقد أحدث الله سبحانه لهم خلقاً جديداً، فيلقون في النار فذلك قوله سبحانه :﴿ يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ ﴾.
﴿ فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ ﴾ أي مقامه بين يدي ربّه، وقيل : قيامه لربه، بيانه قوله :﴿ يَوْمَ يَقُومُ الناس لِرَبِّ العالمين ﴾ [ المطففين : ٦ ]، وقيل : قيام ربّه عليه، بيانه قوله :﴿ أَفَمَنْ هُوَ قَآئِمٌ على كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ ﴾ [ الرعد : ٣٣ ] قال إبراهيم ومجاهد : هو الرجل يهمّ بالمعصية فيذكر الله تعالى فيدعها من مخافة الله. قال ذو النون : علامة خوف الله أن يؤمنك خوفه من كل خوف، وقال السدّي : شيئان مفقودان الخوف المزعج والشوق المقلق.
﴿ جَنَّتَانِ ﴾ بستانان من الياقوت الأحمر، والزبرجد الأخضر، ترابهما الكافور والعنبر وحمأتهما المسك الأذفر، كل بستان منهما مسيرة مائة سنة، في وسط كلّ بستان دار من نور.
قال محمد بن علي الترمذي : جنة بخوفه ربّه، وجنّة بتركه شهوته. قال مقاتل : هما جنّة عدن وجنّة النعيم، وقال أبو موسى الأشعري : جنّتان من ذهب للسابقين، وجنتان من فضة للتابعين.


الصفحة التالية
Icon