﴿ فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * وَمِن دُونِهِمَا ﴾ يعني : ومن دون الجنتين الأُولتين ﴿ جَنَّتَانِ ﴾ أُخريان، واختلف العلماء في معنى قوله ﴿ وَمِن دُونِهِمَا ﴾، فقال ابن عباس : ومن دونهما في الدرج، وقال ابن زيد : ومن دونهما في الفضل، قال ابن زيد : هي أربع : جنتان للمقرّبين السابقين فيهما من كلّ فاكهة زوجان، وجنّتان لأصحاب اليمين والتابعين، فيهما فاكهة ونخل ورمان، وقال أبو معاذ الفضل بن يحيى : أراد غيرهما ؛ لأنهما دون الأُوليين، وقال الكسائي : يعني أمامهما وقبلهما، كقول الشاعر :
رب خرق من دونها يخرس السفر | وميل يفضي إلى أميال |
﴿ فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * مُدْهَآمَّتَانِ ﴾ ناعمتان سوداوان من ريّهما وشدّة خضرتهما ؛ لأن الخضرة إذا اشتدت ضربت إلى السواد، قال ذو الرمّة :
كسا الأكم بهمي غضة حبشية | تواماً ونقعان الظهور الأقارع |
﴿ فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ ﴾ ممتلئتان قبّاضتان فوّارتان بالماء لا ينقطعان، وقال الحسن بن أبي مسلمد ينبعان ثم يجريان، وقال ابن عباس : تنضحان بالخير والبركة على أهل الجنة، ( وقال ) ابن مسعود : تنضخان على أولياء الله بالمسك والكافور. سعيد ابن جبير : نضاختان بالماء وألوان الفواكه. أنس بن مالك : تنضخ المسك والعنبر في دور أهل الجنة كما ينضخ طش المطر، وأصل النضخ الرش، وهو أكثر من النضخ.
﴿ فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾.