وقوله :﴿ مقصورات ﴾ أي محجوبات. وكانت العرب تمدح النساء بملازمة البيوت، ومنه قول الشاعر [ أبو قيس بن الأسلت ] :[ الطويل ]
وتعتل في إتيانهن فتعذر... يصف أن جارتها يزرنها ولا تزورهن. ويروى أن بيت الأعشى قد ذم وهو قوله :[ البسيط ]
كأن مشيتها من بين جارتها... مر السحابة لا ريث ولا عجل
فقيل في ذمه : هذه جوالة خراجة ولاجة، ومن مدح القصر قول كثير :[ الطويل ]
وأنت التي حببت كل قصيرة... إليّ ولم تشعر بذاك القصائر
أريد قصيرات الحجال ولم أرد... قصار الخطى شر النساء البحاتر
قال الحسن :﴿ مقصورات في الخيام ﴾ ليس بطوافات في الطرق، و﴿ الخيام ﴾ : البيوت من الخشب والثمام وسائر الحشيش، وهي بيوت المرتحلين من العرب، وخيام الجنة بيوت اللؤلؤ. وقال عمر بن الخطاب : هي در مجوف. ورواه ابن مسعود عن النبي ﷺ، وإذا كان بيت المسكين عند العرب من شعر فهو بيت، ولا يقال له خيمة، ومن هذا قول جرير :[ الوافر ]
متى كان الخيام بذي طلوح... سقيت الغيث أيتها الخيام
ومنه قول امرئ القيس :[ المتقارب ]
أمرخ خيامهم أم عشر... يستفهم هل هم منجدون أم غائرون لأن العشر مما لا ينبت إلا في تهامة، والمرخ مما لا ينبت إلا في نجد.
والرفرف : ما تدلى من الأسرة من غالي الثياب والبسط : وكذلك قال ابن عباس وغيره : إنها فضول المحابيس والبسط، وقال ابن جبير، الرفرف : رياض الجنة.
قال القاضي أبو محمد : والأول أصوب وأبين، ووجه قول ابن جبير : إنه من رف البيت، إذا تنعم وحسن، وما تدلى حول الخباء من الخرقة الهفافة يسمى رفرفاً، وكذلك يسميه الناس اليوم. وقال الحسن ابن أبي الحسن، الرفرف : المرافق، والعبقري : بسط حسان فيها صور وغير ذلك، تصنع بعبقر، وهو موضع يعمل فيه الوشي والديباج ونحوه قال ابن عباس : العبقري : الزرابي. وقال ابن زيد : هي الطنافس. وقال مجاهد : هي الديباج الغليظ.