فصحا، وكان ذاهلا فأنتبه... نعم الخروج للقاء الله، ومواجهة الحساب مثل هذه الزروع التى خرجت من التربة العفنة السبخة تحمل السكر والدهن والنشا وتتورع عليها ألوان الطيف.. ثم يدعو إلى إنكار البعث وفى كل حين بعث..
وقد يتصور الفلاح أن له عملا فيما يتم، فبين الله أنه لو أراد دمر ما أنشأ وأسلمه إلى أسراب الجراد " لو نشاء لجعلناه حطاما فظلتم تفكهون * إنا لمغرمون * بل نحن محرومون". إن بعث الأجساد كاستنبات الأرض، عمل تبرز فيه قدرة بديع السماوات والأرض، ويجب أن يكون مثار إيمان بالبعث والجزاء. لنتدبر قصة الجزاء الأخروى والزعم بأنه روحانى! من المعلوم أن الإنسان جسم وروح، فهل صحيح أن التسامى المنشود للإنسان لايتم إلا بتدمير الجسد، وتجاهل مطالبه؟ إننى لم أر فى الكتاب والسنة أى إشارة إلى تعذيب الجسد وإشقائه! نعم هناك صيام مشروع، وتعرض للعطش والجوع!! وهناك صلاة قد يطول فيها السجود والقيام، وقد تتورم فيها الأقدام! وربما اكتسب الإنسان رزقه من حرفة ينصب فيها ويتصبب عرقه! وربما انتهت حياته بالقتل فى سبيل الله فتزهق روحه، ويراق دمه، ويتحقق فيه قول ابن الرومى: فحب جسما على الأرض إذ هوى وحب بها روحا إلى الله تعرج! لكن ذلك كله فحوى الامتحان الإلهى للإنسان روحا وجسدا، وحظ الروح من هذا الامتحان قسيم لحظ البدن، بل دور البدن هنا الوسيط، فهو ينقل ما يصيبه إلى الوعى ومع الوعى يكون التحمل واتجاه الإرادة إلى مرضاة الله. ولو وقف الألم مكانه بالبنج مثلا ولم يشعر المرء بشىء حتى الموت، ما كان له من فضل! إن الإنسان جنس يتميز بخصائصه، وقد خلقه الله بيديه، ولم يخلقه فى أحسن تقويم، ليجىء رجل أو امرأة فيقول: إن الجسم حقير وينبغى أن يهان ويعذب! وعندما خلق الله آدم قال له: " وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما.. " فأين تعذيب الجسد فى هذه الإباحة؟! وخلق الله الرسل، وجعلهم صفوة خلقه، وقال