ونمضى فى شرح قصة الجزاء الهادى لنقول: إن مطالب الجسد محدودة وإجابتها قليلة الكلفة عندما تختفى رذائل الترف والسرف! فهل هى فوق الجزاء المعنوى؟ نقول لا... وتفاوت المواهب والهمم والجهود يلقى أجزية شتى بعضها أعلى من بعض..! قد يكون لك خادم مخلص تعطيه طبق الطعام فينظر إليه قبل أن ينظر إليك! وهو يشكرك بقوة لكن عينيه لا تعدوان الطبق وما فيه كما وكيفا.. وهناك آخر يعرفك ويقدرك ويعرف الناس بك وبقدرك. فإذا قدمت إليه الطبق كانت نظرته إليك أسبق وأعمق، وعندما يتناول الطبق منك يتمنى لو منحته كتابا من تأليفك يزيده بك علما ولك تقديرا! هل يستويان؟ إن من أهل الإيمان من تشغله أمجاد الألوهية، فهو معها فى فرح دائم! أو حضور غالب، وهو فى سرائه وضرائه ناظر إلى ربه... وحسب. لكن اللذة والألم قوانين نفسية لا ينفك عنها بشر، وعندما يعبر أهل الإيمان عن أحوالهم، فلن يخترقوا أبدا آداب الشرع ويعتدوا حدود الله. إذا قال الله " فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز "، فلا يجوز لأحد أن يقول: ما الجنة وما نعيمها؟ إننا نريد وجه الله! هذا كلام سقيم! هل يريد أن يرى وجه الله وهو فى ظل شجرة الزقوم؟ إن كان لها ظل!! إن الله يتجلى برضوانه على عباده المؤمنين وهم يرفلون فى حلل الجنة ويمشون فى ظلها الدائم. وفيما ذكرنا شرح لقوله تعالى " وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ومساكن طيبة في جنات عدن ورضوان من الله أكبر ذلك هو الفوز العظيم ". إن الرضوان الإلهى أعلى من كل نعيم وأقر للعين من كل لذة، ولكننا نرفض سوء الأدب مع عبارات الشارع الحكيم. وعلماؤنا مجمعون على أن ثواب الآخرة وعقابها ماديان وروحيان، وهناك حشود من الآيات والأحاديث تؤكد ذلك. قد يخطئ بعض الرجال الطيبين فينظر إلى نفسه وأحواله ثم يصدر حكما عاما غامضا فى شئون الناس. وذاك لا ينبغى! نحن نعلم أن عيسى ويحيى لم يتزوجا، لكن كلا الرسولين لم


الصفحة التالية
Icon