بأنهم "ثلة من الأولين * وقليل من الآخرين". ويرى البعض أن الثلة من الأولين تعنى أصحاب الأنبياء الذين سبقوا محمدا برسالاتهم وأن القلة من الآخرين تعنى المسلمين! ويظنون أن هذا طبيعى لكثرة من سبق من أنبياء وأمم! والذى نراه أن الوصف هنا لأمة محمد وحدها، وأن الثلة من الأولين هم سلفنا الصالح،
الذين نشروا الدين فى أرجاء الأرض بعلمهم وعملهم! وأن القلة من الآخرين، هم الغرباء بتقواهم، وسط قوى مناوئة، وخصومات مؤذية.. أما الرسل السابقون، فقد كانت رسالاتهم مؤقتة ومحدودة، تمت فى أعصار قليلة ومدن معدودة.. ونحن نحترم أصحاب موسى المؤمنين بتوراته، وأصحاب عيسى المؤمنين بإنجيله، وأين هم من قرون طوال؟! اختفوا واختفت هداياتهم، وحل مكانهم من لا صلة له بالسماء. ونلحظ أن أولى أوصاف السابقين، أو أولى الميزات التى يربحونها هى القرب من الله سبحانه، أو هو الرضوان الأكبر، ولذلك قيل " والسابقون السابقون * أولئك المقربون * في جنات النعيم". فلنتأمل فى حال أولئك الذين سكنوا فى بلاد الأفراح. إن الإيمان بالغيب الذى عرفوه فى الدنيا أضحى إيمان شهود! وعظمة الله التى صدقوا بها نظريا فى الأيام الخالية رأوها معاينة فى هذه الأيام! ومن ثم فهم يلهجون بالثناء على الله وشكره وتحميده وتمجيده! وهذا الذكر الموصول! يتم دون معاناة أو كلل أو ملل، بل ينبعث عنهم كما ينبعث الزفير والشهيق من صدورنا فى هذه الحياة.! وفى الآية " دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين". إنهم يشركون الملائكة فى استدامة التسبيح دون أى شعور بكلفة " يسبحون الليل والنهار لا يفترون". وإذا كان فى القوم من قام بالقرآن فى الدنيا وعاش له يحميه ويتلوه ويبلغه، فإنه يقال له ما جاء فى الحديث الشريف " يقال لقارئ القرآن يوم القيامة اقرأ ورتل كما كنت ترتل فى الدنيا ". نعم لقد أضحى مع السفرة الكرام البررة، بهذه المهارة


الصفحة التالية
Icon