والآخرون يصعدون! ومن ثم قيل فى وصف الجزاء المعد للمقربين " جزاء بما كانوا يعملون ". والكريم إذا وفد عليه ضيوف أكرم نزلهم، وأجزل عطاءهم، فأين كان أهل الجنة ينزلون بعد عودتهم إلى الله؟ إن أقل ما يقدم لهم هو أعلى وأغلى ما كان ملوك الأرض يتمتعون به! ونحن نعلم أن فى الجنة ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، ونعلم أن الأسماء التى تطلق على ما فى الجنة هى عناوين تقريبية، وأن ذكرها ضرب من التشويق للعاملين فى الدنيا، والأمر فوق ما نتصور! المهم أن أهل الجنتين ـ مع ما يتقلبون فيه من نعماء ـ ليسوا أهل بطالة وخمول، إنهم يلهمون الذكر والشكر. ولا ريب أنهم سعداء بتكريم الله لهم، ولكنهم أسعد بما أتيح لهم من تحية الله ليلا ونهار، ومناجاته سرا وجهرا. ونشرح بعض الكلمات التى لا نألفها، والتى وردت فى وصف الجنان: فالسرر الموضونة ـ هى المضفورة من المعادن النفيسة. " متكئين عليها متقابلين "، أى لهم مجالس مؤنسة يواجه بعضهم بعضا فيها. " يطوف عليهم ولدان مخلدون". تخدمهم فتية يبقون ما حيوا فى سن الشباب! ومع كثرة الشراب فى الجنة من لبن وعسل وماء وخمر فإن الخمر المعنية خمرة أباحها الله لا تصيب بالصداع ولا الدوار "لا يصدعون عنها ولا ينزفون ". والنزف هو الهذيان واختلاط العقل وهو أمر معروف بين السكارى. من العلامات البارزة للجنة الحور العين. والحور العين هن بنات آدم بعد صوغهن فى قوالب أخرى تجعل العجائز شواب والدميمة وسيمة! أو هن خلق آخر يبدعه الله فى صور فتيات ساحرات العيون يستمتع بهن أهل الجنة. والظاهر أن الحور العين من الصنفين معا، وأن تغييرات كبيرة سوف تقع فى أجسام الرجال والنساء وفى هيئاتهم، وهو تغيير الأشرف والأكمل.. فلن تكون لأبناء آدم فضلات، وسيلتئم شمل الأسرة المؤمنة على الحب والرضا، مصداق قوله تعالى " جنات عدن يدخلونها ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم والملائكة يدخلون عليهم من كل باب *