سورة الواقعة على أن البعث حق، نجده فى قوله "أفرأيتم الماء الذي تشربون * أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون * لو نشاء جعلناه أجاجا فلولا تشكرون".
إن الماء أصل الحياة وأساس بقائها قال تعالى :" وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون ". ويكون الماء أربع أخماس الأرض، وله دورة تستحق التأمل العميق! فإن الريح تسوق السحب - مثلا - من المحيط الهندى لتسقط على أرضنا ودوابنا، ثم يذهب الماء المستعمل إلى مصارفه ومجاريه ويأخذ سبلا لا ندريها ليعود إلى البحار والمحيطات مكملا دورة ومبتدئا دورة أخرى لا يزيد ولا ينقص! قال تعالى: " وأنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في الأرض وإنا على ذهاب به لقادرون ". نعم الذى أوجده قادر على الذهاب به! " لو نشاء جعلناه أجاجا فلولا تشكرون ". إن المشيئة العليا وحدها مرجع الإيجاد والإفناء. والماء - وهو الوسيط الطبيعى للحياة هنا وللحياة بعد الموت - عنصر طيع لهذه المشيئة المطلقة، وقد جاء فى السنة أن "الله ينزل مطرا كأنه الطل فتنبت منه أجساد الناس" وكانوا فى قبورهم هلكى.. وعذوبة الماء تتم فى الجو، بين تفاعلات كهربائية تحدث عنها علماء الطبيعة، يشرف عليها الله وحده. الدليل الخامس: - " أفرأيتم النار التي تورون * أأنتم أنشأتم شجرتها أم نحن المنشئون * نحن جعلناها تذكرة ومتاعا للمقوين ". هذا دليل كما أرى - يكشف عنه العلم الحديث فنحن عندما نتنفس نأخذ "الأوكسجين " ونطرد " ثان أوكسيد الكربون ". وعكس ذلك يفعل النبات، فهو فى تنفسه يأخذ " الكربون " ويدع " الأوكسجين ". والكربون هو الفحم! وعجيب أن تكون الخضرة مخزنا للوقود، وأن يكون رفيف الحياة ستارا لأسباب الاحتراق والتلاشى. إن الشجر فى جذوعه وفروعه وأوراقه الخضراء لا يلبث أن يجف ويتحول إلى هشيم تتأجج به النار! وهكذا نرى الموت فى تضاعيف الحياة. إن خواص المادة، مفردة كانت أو مركبة، لا تزال موضع الدراسة والاستفادة.


الصفحة التالية
Icon