عجّب نبيّه منهم فقال: ما أصحاب الميمنة؟ أى شىء هم؟ وهم أصحاب اليمين، ﴿وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَآ أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ...﴾، عجّبه أيضا منهم، وهم أصحاب الشمال، ثم قال: ﴿وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ...﴾. فهذا الصنف الثالث، فإن شئت رفعت السابقين بالسابقين الثانية وهم المهاجرون، وكل من سبق إلى نبى من الأنبياء فهو من هؤلاء، فإذا رفعت أحدهما بالآخر، كقولك الأول السابق، وإن شئت جعلت الثانية تشديداً للأُولى، ورفعتْ بقوله: ﴿أُوْلَائِكَ الْمُقَرَّبُونَ...﴾.
﴿ عَلَى سُرُرٍ مَّوْضُونَةٍ ﴾
وقوله: ﴿عَلَى سُرُرٍ مَّوْضُونَةٍ...﴾.
موضونه: منسوجة، وإنما سمت العرب وضين الناقة وضيناً لأنه منسوج، وقد سمعت بعض العرب يقول: فإذا الآجر موضون بعضه على بعض يريد: مُشْرَج، [قال الفراء: الوضين الحِزام].
﴿ يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ ﴾
وقوله: ﴿وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ...﴾.
يقال: إنهم على سن واحدة لا يتغيرون، والعرب تقول للرجل إذا كبر ولم يَشمَط: إنهُ لمخلّد، وإذا لم تذهب أسنانه عن الكبر قيل أيضاً: إنه لمخلد، ويقال: مخلّدون مقرّطون، ويقال: مسوَّرون.
﴿ بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ ﴾
[/ا] وقوله: ﴿بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ...﴾.
والكُوب: ما لا أذن له ولا عروة له. والأباريق: ذوات الآذان وَالعُرَا.
﴿ لاَّ يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلاَ يُنزِفُونَ ﴾
وقوله: ﴿لاَّ يُصَدَّعُونَ عَنْهَا...﴾ عن الخمر ﴿وَلاَ يُنزِفُونَ...﴾ أى: لا تذهب عقولهم.
يقال للرجل إذا سكر ؛ قد نُزِف عقله، وإذا ذهب دمه وغشى عليه أو مات قيل: منزوف.
ومن قرأ "يُنْزِفون": يقول: لا تفنى خمرهم، والعرب تقول للقوم إذا فنى زادهم: قد أنْزَفُوا وأقتروا، وأنفضوا، وأرمَلوا، وَأملقوا.
﴿وَحُورٌ عِينٌ﴾
وقوله: ﴿وَحُورٍ عِينٍ...﴾.


الصفحة التالية
Icon