خفضها أصحاب عبدالله وهو وجه العربية، وإن كان أكثر القراء على الرفع ؛ لأنهم هابوا أن يجعلوا الحور العين يطاف بهن، فرفعوا على قولك: ولهم حور عين، أو عندهم حور عين. والخفض على أن تتبع آخر الكلام بأوله، وإن لم يحسن فى أخره ما حسن فى أوله، أنشدنى بعض العرب:
إذا ما الغانيات بَرَزْنَ يَوْماً * وزَجّجن الحواجب والعيونا
بالعَين لا تزجج إنما تكحَّل، فردَّها على الحواجب ؛ لأن المعنى يعرف، وَأنشدنى آخر:
ولقيتُ زوجك فى الوغى * متقلداً سيفاً ورمحاً
والرمح لا يتقلد، فردّه على السيف
وقال آخر:
تسمع للأحشاء منه لغطاً * ولليدين جُسْأَةً وبَدَدا
وأنشدنى بعض بنى دبير:
علفتها تِبناً وماءً بارداً * حتى شَتَتْ همالةً عيناها
والماء لا يعتلف ؛ إنما يُشرب، فجعله تابعاً للتبن، وقد كان ينبغى لمن قرأ: وحورٌ عين لأنهن ـ زعم ـ لا يطاف بهن أن يقول: "وفاكهةٌ ولَحْم طير" ؛ لأن الفاكهة واللحم لا يطاف بهما ـ ليس بطاف إلاَّ بالخمر وحدها ففى ذلك بيان ؛ لأن الخفض وجه الكلام. وفى قراءة أبى بن كعب: وحورا عيناً أراد الفعل الذى تجده فى مثل هذا من الكلام كقول الشاعر:
جئنى بمثل بنى بَدْرٍ لقومهم * أو مثلَ أسرة منظور بن سيار
﴿ إِلاَّ قِيلاً سَلاَماً سَلاَماً ﴾
وقوله: ﴿إِلاَّ قِيلاً سَلاَماً سَلاَماً...﴾.
إن شئت جعلت السلام تابعاً للقيل، وهو هو، وَإن شئت أردت ـ إلاّ قيل سلامٍ سلامٍ، فإذا نونت نصبت، لأن الفعل واقع عليه، ولو كان مرفوعاً ـ قيلا سلامٌ سلامٌ لكان جائزاً. وأنشدنى بعض العرب وهو العقبلى:
فقلنا السلام فاتقت من أميرها * فَما كان إلا ومؤها بالحواجب
أراد حكاية المبتدى بالسلام، وسمع الكسائى العرب يقولون: التقينا فقلنا: سلام سلام، ثم تفرقنا أراد. قلنا: سلام عليكم فردوا علينا.
﴿ فِي سِدْرٍ مَّخْضُودٍ ﴾
وقوله: ﴿فِي سِدْرٍ مَّخْضُودٍ...﴾.
لا شوك فيه.
﴿ وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ ﴾
وقوله: ﴿وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ...﴾.


الصفحة التالية
Icon